وينبغي التنبيه على امور :
الأوّل : إن الاضطرار إلى ارتكاب الحرام وإن كان يوجب ارتفاع حرمته ، والعقوبة عليه مع بقاء ملاك وجوبه ـ لو كان ـ مؤثّرا له ، كما إذا لم يكن بحرام بلا كلام إلّا أنّه إذا لم يكن الاضطرار إليه بسوء الاختيار بأن يختار ما يؤدّي إليه لا محالة ، فإنّ الخطاب بالزجر عنه حينئذ وإن كان ساقطا إلّا أنّه حيث يصدر عنه مبغوضا عليه وعصيانا لذاك الخطاب ومستحقا عليه العقاب لا يصلح لأن يتعلّق بها الإيجاب (١) ، وهذا في الجملة ممّا لا شبهة
______________________________________________________
فاذا تم هذا تعرف انه لا وجه لهذا التفصيل لان المسألة ليست لفظية حتى يكون العرف هو المتبع في الدلالات اللفظية ، وقد اشار الى هذا بقوله : ((فلا مجال لان يتوهم ان العرف ... الى آخر الجملة)).
وقوله (قدسسره) : ((ولعله كان بين مدلوليهما ... الى آخره)) ، هذا لبيان وجه دعوى الامتناع عرفا عند هذا المفصّل ، هذا مضافا الى منع هذه الملازمة العادية اللفظية من رأس او منع كون لزومها بينا بالمعنى الاخص الذي لا بد منه في الدلالة الالتزامية.
(١) لا يخفى ان الاضطرار الى ارتكاب الحرام على قسمين :
القسم الاول : ان يكون لا بسوء الاختيار كما لو خدع شخص ـ مثلا ـ فادخل دارا أو بعد دخوله فيها اختيارا جاهلا اضطره من في الدار إلى ان يشرب الخمر ، وفي مثل هذا لا إشكال في ارتفاع العقوبة عنه ، واذا كان الفعل الذي اضطره اليه فيه ملاك الأمر سواء كان امرا استحبابيا أو وجوبيا فانه لا مانع من فعلية ذلك الأمر وتأثيره وترتب الاثر عليه ولو كان عباديا ، كما لو كان الاضطرار إلى الارتماس في الماء للصائم في شهر رمضان وكان جنبا لاحتلام في نهار رمضان ، فانه حينئذ يؤثر الأمر ويصح الغسل من ذلك الصائم المضطر الى الارتماس في الماء سواء كان الأمر