إن قلت : إنّ التصرّف في أرض الغير بدون إذنه بالدخول والبقاء حرام بلا إشكال ولا كلام ، وأمّا التصرّف بالخروج الّذي يترتّب عليه رفع الظلم ، ويتوقّف عليه التخلّص عن التصرّف الحرام ، فهو ليس بحرام في حال من الحالات ، بل حاله حال مثل شرب الخمر المتوقّف عليه النجاة من الهلاك في الاتّصاف بالوجوب في جميع الأوقات.
ومنه ظهر المنع عن كون جميع انحاء التصرّف في أرض الغير مثلا حراما قبل الدخول ، وأنّه يتمكّن من ترك الجميع حتّى الخروج ، وذلك لأنّه لو لم يدخل لما كان متمكّنا من الخروج وتركه ، وترك الخروج بترك الدخول رأسا ليس في الحقيقة إلّا ترك الدخول. فمن لم يشرب الخمر ، لعدم وقوعه في المهلكة الّتي يعالجها به مثلا ، لم يصدق عليه إلّا أنّه لم يقع في المهلكة ، لا أنّه ما شرب الخمر فيها إلّا على نحو السالبة المنتفية بانتفاء الموضوع كما لا يخفى.
وبالجملة لا يكون الخروج ـ بملاحظة كونه مصداقا للتخلّص عن الحرام أو سببا له ـ إلّا مطلوبا ، ويستحيل أن يتّصف بغير المحبوبيّة ، ويحكم عليه بغير المطلوبيّة (١).
______________________________________________________
(١) هذا هو الوجه الثاني الذي يظهر من التقريرات في كون الخروج مأمورا به ، ويختلف هذا الوجه عن الوجه الاول انه قد كان الوجه الاول مبنيا على كون الخروج حتى لو كان منهيا عنه بالنهي السابق قبل الدخول ولكنه بعد الدخول يكون مأمورا به ، لتوقف الواجب الاهم عليه وان وجوبه غيري مقدمي.
واما هذا الوجه فمبناه على كون الخروج ليس بمنهي عنه لا قبل الدخول ولا بعد الدخول ، وان وجوبه بعد الدخول يمكن ان يكون غيريا ، لانه مقدمة يتوقف عليها التخلص عن الحرام ، ويمكن ان يكون نفسيا لكونه بنفسه مصداقا لعنوان التخلص عن الحرام.