ثم لا يخفى أن ترجيح أحد الدليلين وتخصيص الآخر به في المسألة لا يوجب خروج مورد الاجتماع عن تحت الآخر رأسا كما هو قضية التقييد والتخصيص في غيرها مما لا يحرز فيه المقتضي لكلا الحكمين ، بل قضيته ليس إلا خروجه فيما كان الحكم الذي هو مفاد الآخر فعليا ، وذلك لثبوت المقتضي في كل واحد من الحكمين فيها. فإذا لم يكن المقتضي لحرمة الغصب مؤثرا لها لاضطرار أو جهل أو نسيان كان المقتضي لصحة الصلاة مؤثرا لها فعلا ، كما إذا لم يكن دليل الحرمة أقوى ، أو لم يكن واحد من الدليلين دالا على الفعلية أصلا.
فانقدح بذلك فساد الإشكال في صحة الصلاة في صورة الجهل أو النسيان ونحوهما فيما إذا قدم خطاب ((لا تغصب)) ، كما هو الحال فيما
______________________________________________________
واما اذا كان احدهما متكفلا للحكم الفعلي والآخر متكفلا للحكم الاقتضائي ، فيؤخذ بالحكم الفعلي دون الحكم الاقتضائي.
واما اذا تساويا في قوة المقتضي في كليهما او لم يحرز الاقوى منهما وتساويا في الدلالة والسند فلا بد من الرجوع الى الاصول العملية.
والى ما قلنا اشار بقوله : ((كي يقدم الاقوى منهما دلالة او سندا)) كما هو القاعدة في باب التعارض ((بل انما هو من باب تزاحم المؤثرين)) لان مبدأ التعارض ـ اولا ـ في المتزاحمين هو التزاحم بين المقتضيين المؤثرين.
قوله : ((وان كان الدليل على مقتضى الآخر اقوى)) دلالة أو سندا ((من دليل مقتضاه)) : أي من دليل مقتضى الآخر.
قوله : ((وإلّا كان بين الخطابين تعارض)) : أي بعد ان يتساويا في المقتضي او لم يحرز ما هو الاقوى مقتضيا يعامل معهما ـ ثانيا ـ معاملة باب التعارض في الاخذ باقواهما دلالة او سندا.
قوله : ((وإلّا فلا محيص)) : أي وان لم يحرز الغالب منهما في قوة مقتضيه.