إذا كان الخطابان من أول الأمر متعارضين ، ولم يكونا من باب الاجتماع أصلا ، وذلك لثبوت المقتضي في هذا الباب ، كما إذا لم يقع بينهما تعارض ولم يكونا متكفلين للحكم الفعلي. فيكون وزان التخصيص في مورد الاجتماع وزان التخصيص العقلي الناشئ من جهة تقديم أحد المقتضيين وتأثيره فعلا ، المختص بما إذا لم يمنع عن تأثيره مانع المقتضي ، لصحة مورد الاجتماع مع الأمر ، أو بدونه فيما كان هناك مانع عن تأثير المقتضي للنهي له أو عن فعليته ، كما مر تفصيله.
وكيف كان ، فلا بد في ترجيح أحد الحكمين من مرجح ، وقد ذكروا لترجيح النهي وجوها (١):
______________________________________________________
(١) هذا هو المطلب الثاني في هذا الامر ، وهو ان الترجيح في باب التزاحم لاحد الحكمين على الآخر لقوة مقتضية لا يوجب رفع اليد رأسا عن مقتضى الحكم الآخر وتأثيره ، فيما اذا لم يؤثر مقتضى الحكم الاقوى لعذر من جهل او نسيان ، بخلاف الترجيح في باب التعارض ، فانه مع ترجيح احد المتعارضين على الآخر وتخصيص الاضعف بالاقوى يسقط الاضعف رأسا ولا يرجع حيا في مورد الجهل او النسيان ، مثلا المتزاحمان كالغصب والصلاة يؤثر مقتضى الصلاة فيما لو نسى المكلف او جهل بالغصبية ، والمتعارضان كالظهر والجمعة لا يؤثر مقتضى الجمعة لو نسي المكلف او جهل وأتى بالجمعة فيما اذا رجحنا أدلة الظهر على الجمعة ، ولذا قال (قدسسره) : ((ان ترجيح احد الدليلين وتخصيص الآخر به في المسألة)) أي في باب التزاحم ((لا يوجب خروج مورد الاجتماع ... الى آخر الجملة)).
قوله : ((في غيرها مما لا يحرز فيه المقتضى)) : أي في غير مسألة باب التزاحم وهو باب التعارض الذي لم يحرز فيه المقتضى لكل واحد من الحكمين.