ومنها : الاستقراء ، فإنه يقتضي ترجيح جانب الحرمة على جانب الوجوب ، كحرمة الصلاة في أيام الاستظهار ، وعدم جواز الوضوء من الإناءين المشتبهين (١).
______________________________________________________
فالمقام الذي احرز فيه اصل المفسدة واحرز فيه ايضا ما يمكن ان يكون مانعا ومزاحما لها في تأثيرها هو بحكم المقام الذي لم يحرز فيه اصل المفسدة ، من دون فرق بينهما في النتيجة وهي المبغوضية لأن العلم بنفس المقتضي لا يوجب العلم بترتب معلوله عليه ما لم تتم شرائطه ولا فرق في النتيجة من عدم العلم بترتب المعلول بين الشك في اصل المقتضي أو الشك في تأثيره لوجود ما يمكن ان يكون مانعا عنه ومزاحما له. وقياس المقام بالمفسدة المحرز تأثيرها في بعض مراتبها في ترتب مرتبتها القوية عليها ـ لو كانت ـ قياس مع الفارق ، لانه في المفسدة التي احرزنا تأثيرها ببعض مراتبها يصدر الفعل من المكلف قبيحا وانه قد اقدم على ارتكاب ما هو القبيح وما يعاقب عليه ، فلا مانع من عقابه بالعقاب الشديد لو كانت المفسدة موجبة للعقاب الشديد ، بخلاف المقام فانه مع احراز ما يمكن ان يكون مانعا عن تأثير المفسدة لا يكون الفعل الصادر من المكلف معنونا بالقبح ولا يكون منه اقدام على ارتكاب ما هو القبيح.
هذا مضافا الى ما مر من ان المفسدة الواقعية لو كانت مانعة عن وقوع الفعل قربيا لما وقعت العبادة صحيحة في مورد النسيان والجهل ، فانه في حال النسيان أو الجهل وان تمكن المكلف من قصد القربة إلّا ان الفعل لم يقع منه قربيا لوقوعه مبغوضا واقعا ، فلا بد وان يكون المانع فعلية المبغوضية وتأثيرها لا اصلها وواقعها.
(١) هذا هو المرجح الثالث لتغليب جانب الحرمة على جانب الوجوب.
وحاصله : انا استقرينا موارد اجتماع الوجوب والحرمة فرأينا : ان ديدن الشارع فيما اذا اجتمع الوجوب والحرمة يرجح جانب الحرمة على جانب الوجوب ، كما في مسألة الصلاة في ايام الاستظهار : وهي الايام الزائدة على ايام العادة ، فانه قد