الثالث : ظاهر لفظ النهي وإن كان هو النهي التحريمي ، إلا أن ملاك البحث يعم التنزيهي ، ومعه لا وجه لتخصيص العنوان (١) ، واختصاص
______________________________________________________
بأن يتفقوا على انه لا دلالة التزامية وان النزاع انما هو في الملازمة الواقعية وعدمها ، ويمكن ان يكون لفظيا بان يتفقوا انه لا ملازمة واقعا ولكن النزاع في الدلالة الالتزامية ، ويمكن ان تكون عقلية ولفظية بأن يكون القول بالفساد لأجل أن يكون الدال على الفساد العقل للملازمة الواقعية ، واللفظ للدلالة الالتزامية ، وان يكون القول بالصحة لعدم الملازمة بالصحة لعدم الملازمة الواقعية ولعدم الدلالة الالتزامية.
قوله (قدسسره) : ((لا يكاد يكون)) ليس غرضه (قدسسره) انه من المحال كون البحث في مسألة الاجتماع لفظيا ، بل غرضه بعد العلم بأن المهم لهم هو تحقق التضاد وعدمه نعلم قطعا بأن البحث في تلك المسألة عقلي لا لفظي.
(١) قد مر في مبحث مقدمة الواجب انقسام الأمر الى أقسام : وجوبي واستحبابي ونفسي وغيري وأصلي وتبعي ، والنهي كذلك ينقسم ـ أيضا ـ الى تحريمي وتنزيهي ونفسي وغيري واصلي وتبعي.
ولا إشكال في دخول النهي التحريمي في العنوان ، واما النهي التنزيهي فقد يقال بعدم شمول العنوان له ، لدعوى انصراف لفظ النهي الى التحريمي بالخصوص ، الّا انه لا وجه لخروجه عن محل النزاع وان كان لفظ النهي منصرفا عنه ، لان الملاك الموجب للفساد في التحريمي موجود في التنزيهي وهو ان الصحة في العبادة هي موافقة الأمر والنهي عن الشيء يضاد الأمر به ، فمع تحقق النهي عن العبادة لا بد وان لا يكون لها أمر ، فمع ارتفاع الأمر لا تحصل الصحة التي هي في العبادة بمعنى موافقة الأمر ، وهذا الملاك بعينه موجود في النهي التنزيهي ، فان النهي التنزيهي أيضا يضاد الأمر فان طلب الترك مضاد لطلب الإيجاد ، ومع وجود الملاك فيه لا وجه لخروجه عن محل النزاع.