هو ملاكه ، فإن دلالته على الفساد على القول به فيما لم يكن للارشاد إليه ، إنما يكون لدلالته على الحرمة ، من غير دخل لاستحقاق العقوبة على مخالفته في ذلك ، كما توهمه القمي (قدسسره) ويؤيد ذلك أنه جعل ثمرة النزاع في أن الامر بالشيء يقتضي النهي عن ضده ، فساده إذا كان عبادة ، فتدبر جيدا.
الرابع : ما يتعلق به النهي ، إما أن يكون عبادة أو غيرها ، والمراد بالعبادة ـ هاهنا ـ ما يكون بنفسه وبعنوانه عبادة له تعالى ، موجبا بذاته للتقرب من حضرته لو لا حرمته ، كالسجود والخضوع والخشوع له وتسبيحه وتقديسه (١) ، أو ما لو تعلق الامر به كان أمره أمرا عباديا ،
______________________________________________________
(١) لا يخفى ان متعلق النهي اما ان يكون عبادة أو معاملة ، والمراد من المعاملة هي مقابل العبادة أي ما ليس بعبادة ، ولذا يستغنى بتعريف العبادة عن تعريف المعاملة.
ولا يخفى ان المراد من العبادة التي عرفها المصنف وعرفها القوم هي العبادة التي لو لا تعلق النهي بها لكانت صحيحة ، فيخرج عن موضوع العبادة التي وقعت لها التعاريف مثل السجود للصنم اذ ليس لها لو لا النهي صحة حتى يتوهم دخولها في التعريف.
وعلى كلّ فقد قسم المصنف العبادة الى ذاتية وغير ذاتية ، والعبادة الذاتية هي التي لو لا تعلق النهي بها لكان وقوعها مقربة الى الله لا يحتاج الى قصد الى اتيانها بقصد الأمر ـ مثلا ـ الركوع لله والسجود له وتسبيحه وتهليله وتكبيره وتقديسه لا يحتاج الى قصد الأمر في كونه عبادة لله تعالى ، فان العبادة الذاتية له عزوجل تتوقف على أمرين كلاهما موجودان في قصد تعظيمه وقصد الخضوع له :
الأول : ان يكون العنوان المقصود حسنا وقصد الخضوع لله عدل في العبودية بخلاف مثل قصد الأكل والشرب ، فان قصد عنوان الأكل والشرب ليسا من العناوين التي هي عدل في العبودية.