السادس : إن الصحة والفساد وصفان إضافيان يختلفان بحسب الآثار والانظار ، فربما يكون شيء واحد صحيحا بحسب أثر أو نظر وفاسدا بحسب آخر.
ومن هنا صح أن يقال : إن الصحة في العبادة والمعاملة لا تختلف ، بل فيهما بمعنى واحد وهو التمامية ، وإنما الاختلاف فيما هو المرغوب منهما من الآثار التي بالقياس عليها تتصف بالتمامية وعدمها ، وهكذا الاختلاف بين الفقيه والمتكلم في صحة العبادة ، إنما يكون لاجل الاختلاف فيما هو المهم لكل منهما من الاثر ، بعد الاتفاق ظاهرا على أنها بمعنى التمامية ، كما هي معناها لغة وعرفا. فلما كان غرض الفقيه ، هو وجوب القضاء ، أو الاعادة ، أو عدم الوجوب ، فسر صحة العبادة بسقوطهما ، وكان غرض المتكلم هو حصول الامتثال الموجب عقلا لاستحقاق المثوبة ، فسرها بما يوافق الامر تارة ، وبما يوافق الشريعة اخرى (١).
______________________________________________________
تقدم)) أي بقسميها ((والمعاملة بالمعنى الأعم)) وهي المقابلة للعبادة لا خصوص المعاملة بالمعنى الأخص التي لا تشمل مثل الغسل للتطهير.
وعلى كل فالمعاملة بالمعنى الأعم داخلة في النزاع لأنها ((مما يتصف بالصحة والفساد عقدا كان)) كالبيع والنكاح ((أو ايقاعا)) كالطلاق أو العتق ((أو غيرهما)) كالغسل للتطهير.
قوله : ((فافهم)) لعلة اشارة الى انه لا يوجد علة تامة بسيطة لأثر من الآثار الشرعية فان الاتلاف الذي ذكر مثالا لذلك أيضا له شرط وهو كونه بغير اذن المالك أو الولي ، فيكون مما يترتب عليه الضمان مرة وعدم الضمان اخرى.
(١) الفرق بين الوصف الاضافي والتضايف : هو ان المعنى التضايفي أمر واقعي لا يختلف بحسب الانظار وان اختلف بحسب الجهات ، فالفوقيّة والتحتيّة لا تختلف