وأما القسم الرابع ، فالنهي عن الوصف اللازم مساوق للنهي عن موصوفه ، فيكون النهي عن الجهر في القراءة مثلا مساوقا للنهي عنها ، لاستحالة كون القراءة التي يجهر بها مأمورا بها ، مع كون الجهر بها منهيا عنه فعلا ، كما لا يخفى (١).
وهذا بخلاف ما إذا كان مفارقا ، كما في القسم الخامس ، فإن النهي عنه لا يسري إلى الموصوف ، إلا فيما إذا اتحد معه وجودا ، بناء على
______________________________________________________
(١) قد مر ان القسم الرابع هو النهي المتعلق بالوصف الملازم ، وقد عرفت ـ أيضا ـ ان الوصف الملازم هو الوصف الذي لا تحقق له في غير العبادة كالنهي المتعلق بالجهر في القراءة ، وحيث لا يعقل انفكاك هذا الوصف عن القراءة فلا يعقل ان يجتمع الأمر بالقراءة مع النهي عن الجهر فيها ، وعليه فلا بد وان يرتفع الأمر بالقراءة مع تعلق النهي بالجهر فيها ، ولا بد ايضا ان تكون القراءة التي لها وصف لا ينفك عنها وهو مبغوض ان تكون مبغوضة ، لبداهة مبغوضية المتصف بوصف مبغوض فيرجع النهي عن مثل هذا الوصف الى النهي عن نفس الموصوف ، وقد عرفت ان النهي عن العبادة داخل في محل النزاع وهو يقتضي الفساد كما سيأتي.
والى ما ذكرنا أشار بقوله : ((وأما القسم الرابع فالنهي عن الوصف اللازم مساوق للنهي عن موصوفه)) كما عرفت تقريبه ((فيكون النهي عن الجهر في القراءة مثلا مساوقا للنهي عنها)) أي عن القراءة.
ثم أشار الى البرهان على ذلك بقوله : ((لاستحالة كون القراءة ... الى آخر الجملة)).
وهذا الدليل بظاهره وان كان لا يقتضي أكثر من سقوط الأمر بالقراءة لا انه يقتضي النهي عنها ، إلّا أنّك قد عرفت ان السبب في المساوقة هو ان المتصف بالمبغوض مبغوض.