تذنيب : حكي عن أبي حنيفة والشيباني دلالة النهي على الصحة ، وعن الفخر أنه وافقهما في ذلك (١) ، والتحقيق انه في المعاملات كذلك إذا كان عن المسبب أو التسبيب ، لاعتبار القدرة في متعلق النهي كالامر ،
______________________________________________________
وقد اشار الى ان المعصية المستندة الى السيد اذا جاز ارادة عدم النفوذ فيها فالمعصية المستندة الى الله أيضا يجوز ارادة عدم النفوذ منها بقوله : ((ولا بأس باطلاق المعصية على عمل لم يمضه الله ولم يأذن به كما أطلق عليه)) أي كما اطلق العصيان على عمل لم يمضه السيد ولم يأذن به كذلك يكون المراد من المعصية المنسوبة الى الله هو العمل الذي لم يمضه ولم يأذن به ، ولذا قال : ((كما أطلق عليه بمجرد عدم اذن السيد فيه انه معصية)).
وقد أشار الى ما ذكرنا من ان هذه القرائن ان لم توجب كون لفظ المعصية ظاهرة في عدم النفوذ فلا اقل من ان يكون احتمالا مساويا لارادة الحرمة منها بقوله : ((وبالجملة لو لم يكن ظاهرا في ذلك لما كان ظاهرا فيما توهم)).
(١) الفخر هو فخر المحققين فانه المحكي عنه موافقة ابي حنيفة والشيباني في كون النهي دالا على صحة ما يتعلق به وترتب أثره عليه مطلقا سواء كان معاملة او عبادة بدعوى انه لا بد وان يكون متعلق كل حكم من الاحكام مقدورا للمكلف فكما ان الامر لا يمكن ان يتعلق بغير المقدور كذلك النهي لا بد وان لا يتعلق بغير المقدور.
ومن الواضح : ان اتيان العبادة مثلا التي لا تترتب عليها الصحة وان كان مقدورا إلّا انها ليست عبادة فالعبادة المتعلق بها النهي بما هي عبادة لا بد وان تكون هي العبادة الصحيحة ، واذا كان النهي المتعلق بالعبادة يقتضي صحتها فاقتضاؤه للصحة في المعاملة بطريق اولى لأنه ليس في المعاملة قصد القربة حتى تتوهم المنافاة للنهي بدوا وان كان بمقتضى هذا البرهان يستكشف انه لا منافاة في ذلك وإلّا كان النهي متعلقا بغير المقدور ، واشتراط القدرة في متعلق النهي مما لا ريب فيه كاشتراطها في متعلق الأمر.