المقصد الثالث
في المفاهيم
مقدمة وهي : إن المفهوم ـ كما يظهر من موارد إطلاقه ـ هو عبارة عن حكم إنشائي أو إخباري تستتبعه خصوصية المعنى الذي أريد من اللفظ ، بتلك الخصوصية ولو بقرينة الحكمة ، وكان يلزمه لذلك ، وافقه في الايجاب والسلب أو خالفه ، فمفهوم إن جاءك زيد فاكرمه مثلا ـ لو قيل به ـ قضية شرطية سالبة بشرطها وجزائها ، لازمة للقضية الشرطية التي تكون معنى القضية اللفظية ، وتكون لها خصوصية ، بتلك الخصوصية كانت مستلزمة لها (١) ، فصح أن يقال : إن المفهوم إنما هو
______________________________________________________
(١) لا يخفى ان هذه المقدمة تشتمل على بيان أمور :
الأول : بيان ما هو المفهوم والسبب في حصوله على القول به فقال : ((ان المفهوم كما يظهر من موارد اطلاقه ... الى آخر الجملة)).
وحاصله : ان المفهوم هو حكم يكون انشائيا تارة كالمفهوم الحاصل من قولك : ان جاءك زيد فاكرمه ، فان المفهوم الحاصل المستتبع لهذه القضية المنطوقية هو ان لم يجئ زيد لا تكرمه ، وهذه القضية قضية انشائية.
واخرى يكون المفهوم المستتبع للمنطوق قضية خبرية كقولك : ان ضربت زيدا ضربته ، فان المفهوم المستتبع للقضية المنطوقية هو ان لم تضرب زيدا لا اضربه ، فالمتكلم قد أخبر عن نفسه بانه لا يضرب زيدا ان لم يضربه المخاطب ، بخلاف القضية الاولى فان المفهوم قد تضمن انشاء عدم اكرام زيد عند عدم مجيئه ، وحيث ان القضية المفهومية مستفادة من القضية المنطوقية فلا بد وان تكون في القضية المنطوق بها خصوصية ، تلك الخصوصية استتبعت القضية المفهومية ، وتلك الخصوصية هي كون الحيثية المرتبط بها الحكم في القضية المنطوقة علة تامة منحصرة لذلك الحكم الموجود في القضية اللفظية المنطوق بها سواء كانت هذه الحيثية مستفادة من اللفظ كما