الرابع : إنه قد ظهر من مطاوي ما ذكرناه ، أن المسألة عقلية ، ولا اختصاص للنزاع في جواز الاجتماع والامتناع فيها بما إذا كان الايجاب والتحريم باللفظ ، كما ربما يوهمه التعبير بالامر والنهي الظاهرين في الطلب بالقول ، إلا أنه لكون الدلالة عليهما غالبا بهما ، كما هو أوضح من أن يخفى.
وذهاب البعض إلى الجواز عقلا والامتناع عرفا ، ليس بمعنى دلالة اللفظ ، بل بدعوى أن الواحد بالنظر الدقيق العقلي اثنان ، وأنه بالنظر المسامحي العرفي واحد ذو وجهين ، وإلا فلا يكون معنى محصلا للامتناع العرفي ، غاية الامر دعوى دلالة اللفظ على عدم الوقوع بعد اختيار جواز الاجتماع ، فتدبر جيدا (١).
______________________________________________________
في الاصول بعد ان كانت مما يترتب عليها الغرض المطلوب في علم الاصول ، وقد مر ـ في اول هذا الكتاب ـ انه لا مانع ((ولا ضير في كون مسألة واحدة يبحث فيها عن جهة خاصة من مسائل علمين)) المراد من الجهة الخاصة هو موضوعها ومحمولها لا الغرض الداعي للبحث عنها ، ولذا قال : ((لانطباق جهتين عامتين على تلك الجهة الى آخر كلامه)) وذلك كمسألة جواز اجتماع الامر والنهي في وجود واحد وعدم جوازه ، فانه يمكن ان يبحث عنها في الاصول لحصول الغرض من علم الاصول وترتبه عليها ، ويمكن ان يبحث عنها في علوم أخر لترتب الغرض في تلك العلوم عليها ايضا.
(١) قد عرفت ـ مما مر ـ ان المسألة من المسائل الاصولية العقلية غير المستقلة مضافا إلى ان عنوان المسألة يدل على كونها عقلية ، لأن المراد من الجواز وعدمه في العنوان هو الامكان وعدمه ، ومن الواضح ان الحكم بالامكان وعدمه مما يرتبط بالعقل دون الدلالة اللفظية ، فلو كانت المسألة لفظية للزم تغيير العنوان بان يعنون : ان النهي عن شيء باللفظ هل يدل على عدم الوجوب في مورد الاجتماع ام لا يدل؟