وفيه أنه لا تكاد تنكر الدلالة على المفهوم مع إطلاقه كذلك ، إلا أنه من المعلوم ندرة تحققه ، لو لم نقل بعدم اتفاقه.
فتلخص بما ذكرناه ، أنه لم ينهض دليل على وضع مثل (إن) على تلك الخصوصية المستتبعة للانتفاء عند الانتفاء ، ولم تقم عليها قرينة عامة ، أما قيامها أحيانا كانت مقدمات الحكمة أو غيرها ، مما لا يكاد ينكر ، فلا يجدي القائل بالمفهوم ، انه قضية الاطلاق في مقام من باب الاتفاق (١).
______________________________________________________
غيره يشتركان في التأثير واذا لحق به غيره من العلل وكان المجيء معدوما يتحقق الاكرام ايضا ، أما اذا كان المجيء هو العلة في جميع الاحوال فلازمه انه قبل وجود المجيء لا يتحقق الاكرام واذا قارنه غيره لكون المجيء هو المؤثر دون المقارنة له واذا لحق به شيء وكان المجيء معدوما لا يتحقق الاكرام ، فالاطلاق الدال على ان المجيء هو المؤثر سواء سبقه غيره او قارنه او لحق به يثبت العلة المنحصرة ولازمها ثبوت المفهوم فانه لو كان غير المجيء علة لوجوب الاكرام كاحسانه لوجب مثلا ان يقول : ان جاءك زيد أو احسن اليك فاكرمه ، وحيث لم يقيد المجيء بشيء فلا بد وان يكون هو المؤثر لا غير ، ومعنى هذا كون المجيء هو العلة المنحصرة لوجوب الاكرام ، ولازم العلة المنحصرة الانتفاء عند الانتفاء ، وليس المفهوم الا الانتفاء عند الانتفاء. والى هذا اشار بقوله : ((بتقريب انه لو لم يكن بمنحصر)) في المجيء ((يلزم تقييده)) أي يلزم تقييد المجيء بذلك الغير كالاحسان ((ضرورة انه لو قارنه او سبقه الآخر)) الذي هو المؤثر أيضا ((لما اثر وحده)) أي لما أثر المجيء وحده ، فانه لو قارنه يشتركان في التأثير ، ولو سبقه لكان المؤثر هو الاحسان دون المجيء ، ((وقضية اطلاقه انه يؤثر كذلك)) أي قضية الاطلاق كون المؤثر هو المجيء وان سبقه الاحسان او قارنه.
(١) وحاصل الجواب : ان ظاهر القضية الشرطية كونها مسوقة لبيان التأثير والعلية ، وان المجيء يؤثر في وجوب الاكرام لا لبيان وصف هذا المؤثر بانه وحده سبقه غيره او