وأما توهم أنه قضية إطلاق الشرط ، بتقريب أن مقتضاه تعينه ، كما أن مقتضى إطلاق الامر تعين الوجوب (١).
ففيه : أن التعين ليس في الشرط نحوا يغاير نحوه فيما إذا كان متعددا ، كما كان في الوجوب كذلك ، وكان الوجوب في كل منهما متعلقا بالواجب بنحو آخر ، لا بد في التخييري منهما من العدل ، وهذا بخلاف الشرط فإنه واحدا كان أو متعددا ، كان نحوه واحدا ودخله في المشروط
______________________________________________________
قارنه او لحق به. نعم لو قامت القرينة على ان الاطلاق مسوق من هذه الجهة لثبت المفهوم.
والحاصل : ان النافع للقائل بالمفهوم هو ان من معتاد البيان هو سوق البيان من هذه الجهة ولكنه ليس من معتاد البيان سوقه من هذه الجهة ، وانما البيان المعتاد في القضية الشرطية هو تأثير المجيء لا بيان وصف المجيء. ومن الواضح ان كونه وحده ـ سواء سبقه غيره او قارنه ـ من صفات المؤثر لا من اوصاف التأثير والعلية. وقد اشار الى ذلك بقوله : ((انه لا يكاد ينكر ... الى آخر الجملة)).
(١) هذا هو الوجه الثالث للتمسك بالاطلاق ، وهو أيضا تمسك بإطلاق مدخول ان وهو الشرط النحوي.
وحاصله : انه تمسك بالإطلاق على نحو الاطلاق الذي يتمسك به لاثبات كون الوجوب تعيينيا لا تخييريا فانه بعد مقدمات الحكمة الثلاث نقول : ان الظاهر من الاطلاق كون الواجب هو بنفسه واجبا لا انه له عدل مثله ، مثلا : اذا قال المولى : صل ، فظاهره ان الصلاة بنفسها هي الواجب ، لا انها هي أو غيرها كما في خصال الكفارة ، فان الواجب فيها هو العتق او الاطعام او الصوم ، ومثله الاطلاق في المقام ، فان الظاهر من قوله : ان جاءك زيد فاكرمه ان العلة لوجوب الاكرام هو المجيء لا انه هو أو غيره ، ولو كان غيره علة أيضا لكان العلة هو المجيء او غيره. والى هذا اشار بقوله : ((بتقريب ان مقتضاه تعينه ... الى آخر الجملة)).