السادس : إنه ربما يؤخذ في محل النزاع قيد المندوحة في مقام الامتثال ، بل ربما قيل : بأن الاطلاق إنما هو للاتكال على الوضوح ، إذ بدونها يلزم التكليف بالمحال.
ولكن التحقيق مع ذلك عدم اعتبارها في ما هو المهم في محل النزاع من لزوم المحال ، وهو اجتماع الحكمين المتضادين ، وعدم الجدوى في كون موردهما موجها بوجهين في دفع غائلة اجتماع الضدين ، أو عدم لزومه ، وأن تعدد الوجه يجدي في دفعها ، ولا يتفاوت في ذلك أصلا
______________________________________________________
عن الجمع بينهما فلو تركهما أو ترك احدهما لا يكون عاصيا ، فاذا نهى المولى عن التصرف في الدار والمجالسة مع الاغيار بان يكون النهي عن التصرف في الدار المقرون بالمجالسة مع الاغيار فيكون المطلوب بهذا النهي ترك احدهما ، وهذا معنى كون النهي تخييريا ، فعصيان هذا النهي لا يكون إلّا بالجمع بين الفردين ، فاجتماع الامر التخييري بين الصلاة والصوم الذي يحصل امتثاله باتيان الصلاة ـ مثلا ـ انما يجتمع مع هذا النهي التخييري عن التصرف في الدار والمجالسة مع الاغيار في الصلاة في الدار مع مجالسة الاغيار ولذا قال : ((فصلى فيها)) : أي في الدار ((مع مجالستهم)) : أي مع مجالسة الاغيار ، فانه يجتمع ـ في هذه الحركة الصلاتية عنوان الامر المتعلق بالصلاة على نحو التخيير والنهي عن هذه الحركة في الدار المقرونة بمجالسة الاغيار ـ الامر والنهي ، فان قلنا بالجواز وعدم السراية فتقع صحيحة ، وان قلنا بالامتناع والسراية وتغليب النهي أو التساقط فلا تصح.
وحال الامر والنهي التخييري حال الامر بالصلاة تعيينيا والنهي عن التصرف في الدار تعيينيا من وجود الملاك ومجيء ادلة الطرفين ، والى هذا اشار بقوله : ((كان حال الصلاة فيها)) على نحو التخيير ((حالها)) على نحو التعيين من وجود ملاك النزاع ومجيء الادلة الى آخر كلامه.