ثم إنه لا دلالة لصيغته على الدوام والتكرار ، كما لا دلالة لصيغة الامر (١) وإن كان قضيتهما عقلا تختلف ولو مع وحدة متعلقهما ، بأن يكون طبيعة واحدة بذاتها وقيدها تعلق بها الامر مرة والنهي أخرى (٢) ،
______________________________________________________
(١) قد عرفت فيما تقدم انه لم نظفر بمن قال : ان صيغة النهي تدل على المرة ، وانما الكلام في دلالتها على التكرار بان يكون التكرار جزء ما يدل عليه النهي ، أو ان التكرار مستفاد من قرينة خارجة عن مدلول اللفظ في النهي.
وحيث ان صيغة النهي مركبة من هيئة ومادة ومدلول المادة هو الماهية والطبيعة من دون تقيدها بشيء ومدلول الهيئة هو النهي عن هذه الطبيعة ـ فلا يكون التكرار مما يدل عليه اللفظ اذ ليس هو بعض مدلول المادة ولا الهيئة.
كما انه قد عرفت الحال في عدم دلالة صيغة الامر عليه ، والى هذا اشار بقوله : ((ثم انه لا دلالة لصيغته)) : أي لصيغة النهي ((على الدوام والتكرار كما لا دلالة لصيغة الامر عليه)).
(٢) توضيحه ان النهي في مرحلة الثبوت اما ان يتعلق بعدم الماهية بنحو الاهمال والمهملة في قوة الجزئية فيكفي في الامتثال تحقق فرد للعدم ولو آناً ما ، واما ان يتعلق بعدم الماهية بحيث لا يشذ عنه عدم فلا يحصل الامتثال الا بعدم جميع هذه الماهية الدفعية من افراد هذا العدم والتدريجية منها ، فيجب ترك الخمر ـ مثلا ـ في أي مكان واي زمان ، هذا في مرحلة الثبوت.
واما في مرحلة الاثبات فحيث كان الامر والنهي تابعين للمصلحة فيه وللمفسدة فيختلف حال متعلق الامر والنهي اذا كان المولى في مقام البيان ، فبواسطة الاطلاق في مقام الامر يكتفى بايجاد الطبيعة مرة واحدة ، لانه بمحض ايجادها مرة واحدة تتحقق الطبيعة الحاملة للمصلحة الداعية الى الامر بايجاد هذه الطبيعة ، فكون هذه الطبيعة قد تعلق الطلب بها بنحو التكرار يحتاج إلى قرينة ، وحيث ان المفروض انتفاء القرينة