قصور (١) ، مع أن الجلّ لو لا الكلّ قائلون بالامتناع وتقديم الحرمة ، ويحكمون بالبطلان في غير موارد العذر ، فلتكن من ذلك على ذكر.
إذا عرفت هذه الامور ، فالحق هو القول بالامتناع ، كما ذهب إليه المشهور ، وتحقيقه على وجه يتضح به فساد ما قيل ، أو يمكن أن يقال ، من وجوه الاستدلال لسائر الاقوال ، يتوقف على تمهيد مقدمات :
إحداها : إنه لا ريب في أن الاحكام الخمسة متضادة في مقام فعليتها ، وبلوغها إلى مرتبة البعث والزجر ، ضرورة ثبوت المنافاة والمعاندة التامة
______________________________________________________
في حقه يقع ما يأتي به عبادة ويكون إتيانه بالمجمع من باب الاطاعة والاتيان بما فيه الغرض العبادي ، والثواب عليه ثواب على اتيان ما يسقط به الامر أو يمتثل به الامر على ما مرّ تفصيله ، وليس الثواب عليه ثواب انقياد وأن ما اتى به لا يحصل به الغرض ولا يقع به الامتثال.
واما النسيان فسواء كان نسيانا لحكم الحرمة كمن نسى حرمة الغصب أو للموضوع المحرّم كمن نسى ان هذه الدار مغصوبة فقد ورد العذر فيه برفع النسيان ، وان الناسي مطلقا حكما أو موضوعا معذور ، وقد عرفت ان لازم العذر وعدم العقاب عدم فعلية النهي ، ومع عدم فعليته يقع ما يأتي به الناسي من المجمع عبادة.
فاتضح مما ذكرنا وجه حكم مشهور الاصحاب القائلين بالامتناع وترجيح جانب النهي بصحة الصلاة في الدار المغصوبة في حال النسيان حكما كان أو موضوعا ، وصحة حكمهم بصلاة الجاهل بالموضوع وهو من لا يعلم ان الدار المغصوبة سواء كان قاصرا لا يمكن ان يحصل له العلم أو كان بحيث يمكنه ان يعلم ولم يفحص ، وحكمهم بصحة خصوص صلاة الجاهل القاصر بالحكم دون المقصر في الدار المغصوبة ، ووجهه ما عرفت من عدم فعلية النهي في هذه الموارد.
(١) لا يخفى ان قوله بالموضوع قيد لخصوص الجهل دون النسيان لما عرفت من عذر الناسي مطلقا ، ولذا عطف عليه الجهل بالحكم لخصوص القاصر.