رابعتها : إنه لا يكاد يكون للموجود بوجود واحد ، إلا ماهية واحدة وحقيقة فاردة ، لا يقع في جواب السؤال عن حقيقته بما هو إلا تلك الماهية ، فالمفهومان المتصادقان على ذاك لا يكاد يكون كل منهما ماهية وحقيقة ، وكانت عينه في الخارج كما هو شأن الطبيعي وفرده ، فيكون الواحد وجودا واحدا ماهية وذاتا لا محالة ، فالمجمع وإن تصادق عليه متعلقا الامر والنهي ، إلا أنه كما يكون واحدا وجودا ، يكون واحدا ماهية وذاتا ، ولا يتفاوت فيه القول بأصالة الوجود أو أصالة الماهية.
ومنه يظهر عدم ابتناء القول بالجواز والامتناع في المسألة ، على القولين في تلك المسألة ، كما توهم في الفصول (١) ، كما ظهر عدم الابتناء
______________________________________________________
(١) حاصل هذه المقدمة لرفع توهمين :
الأول انه لا ينبغي ان يتوهم احد ان تعدد العنوان انما لا يستلزم تعدد المعنون بناء على اصالة الوجود ، لأن الوجود الواحد يمكن ان ينتزع منه مع وحدته عناوين متعددة ، كما عرفت من انتزاع جميع الاسماء والصفات من وجود الواجب الواحد البسيط التام عزوجل ، فالعناوين المتعددة تتصادق على وجود واحد ، وقد تقدم في المقدمة الثانية ان متعلق التكاليف هو الموجود الخارجي ، فالمراد بالعنوان في متعلق الأمر وبالعنوان في متعلق النهي هو هذا الموجود الخارجي الواحد ، وقد تقدم في المقدمة الأولى تضاد الاحكام فلا يعقل اجتماع الأمر والنهي بعنوانين في مجمع واحد فلا يعقل القول بالجواز.
واما بناء على اصالة الماهية فالعناوين هي الماهيات ومتعلق كل من الأمر والنهي عنوان غير العنوان الآخر ، فمتعلق كل منهما ماهية غير الماهية الأخرى والماهيات لكل واحد منها تحقق غير تحقق الآخر ، ولكل منها حيثية مكتسبة من الجاعل غير الحيثية الأخرى وهذه الحيثية هي خارجية الماهية المطلوبة ، فلكل من متعلق الأمر والنهي تحقق في الخارج غير تحقق الآخر فلا اجتماع لهما في شيء واحد لا في مقام