ولعل العرف يساعد على الوجه الثاني ، كما أن العقل ربما يعين هذا الوجه ، بملاحظة أن الامور المتعددة بما هي مختلفة ، لا يمكن أن يكون كل منها مؤثرا في واحد ، فإنه لا بد من الربط الخاص بين العلة والمعلول ، ولا يكاد يكون الواحد بما هو واحد مرتبطا بالاثنين بما هما اثنان ، ولذلك أيضا لا يصدر من الواحد إلا الواحد ، فلا بد من المصير إلى أن الشرط في الحقيقة واحد ، وهو المشترك بين الشرطين (١) بعد البناء على
______________________________________________________
(١) بعد ما عرفت انه على القول بالمفهوم يقع التنافي بين الشرطيتين فلا بد من رفعه بأحد الوجوه المذكورة ، وانه في كل واحد منهما يلزم مخالفة الظهور ، ففي الوجه الاول مخالفة لظهورين ومثله في الوجه الثاني ، وفي الوجه الثالث والرابع مخالفة ظهور واحد فالقاعدة الاولى تقتضي تردد الترجيح بين الاخيرين ، أما الأولان فينبغي ان يكونا مرجوحين ، ولكن هناك ما يوجب ترجيح الثاني والرابع دون الأول والثالث ، ولا يعتنى بكون الثاني فيه مخالفة لظهورين بعد ان كان العرف يساعد عليه ، لأن العرف انما يلتزم بالمفهوم لكونه يرى الشرطية مسوقة للعلية المنحصرة.
اما امكان ان يكون للشيء الواحد علتان فليس عند العرف مانع عن امكانه ، فاذا ذكر للجزاء شرطان فالعرف يفهم من هذا انه لم يسق الكلام لبيان العلة المنحصرة وانما سيق لصرف العلية ، ومحض العلية من غير انحصار لا يقتضي المفهوم ، فاذا كان العرف يرى ان ذلك قرينة على رفع اليد عن المفهوم فلا يلاحظ كونه فيه مخالفة لظهورين أو أكثر ، فلذلك يترجح الوجه الثاني على ساير الوجوه عند العرف ، واما عند العقل فحيث انه بعد دلالة القضيتين على كون هذا الجزاء الواحد له شرطان والعقل يرى امتناع صدور الواحد من المتعدد لأنه لا يصدر الواحد الا عن واحد فالمؤثر في الشرطين لا بد ان يكون هو الجامع بينهما وهو واحد ، فلذلك يرى ان الوجه الأخير هو أرجح الوجوه ، هذا هو الملاك في رجحان الوجه الثاني والرابع.
واما مرجوحية الوجه الأول ففيه :