والتحقيق في الجواب أن يقال : إنه لا يلزم من التخصيص كون العام مجازا ، أما في التخصيص بالمتصل ، فلما عرفت من أنه لا تخصيص أصلا ، وإن أدوات العموم قد استعملت فيه ، وإن كان دائرته سعة وضيقا تختلف باختلاف ذوي الادوات ، فلفظة (كل) في مثل (كل رجل) و (كل رجل عالم) قد استعملت في العموم ، وإن كان إفراد أحدهما بالاضافة إلى الآخر بل في نفسها في غاية القلة.
واما في المنفصل ، فلان إرادة الخصوص واقعا لا تستلزم استعماله فيه وكون الخاص قرينة عليه ، بل من الممكن قطعا استعماله معه في العموم قاعدة ، وكون الخاص مانعا عن حجية ظهوره تحكيما للنص ، أو الاظهر على الظاهر ، لا مصادما لاصل ظهوره ، ومعه لا مجال للمصير إلى أنه قد استعمل فيه مجازا ، كي يلزم الاجمال (١).
______________________________________________________
خصوص مرتبة منها من دون قرينة تعينه ترجيح بلا مرجح ، فالعام بعد تخصيصه يكون مجملا والمجمل لا يكون حجة في بعض المحتملات دون غيرها ، والى هذا اشار بقوله : «واحتج النافي بالاجمال لتعدد المجازات ... الى آخر كلامه».
(١) حاصله : انه قد عرفت ـ مما مرّ ـ ان الفاظ العموم موضوعة للدلالة على استيعاب ما يراد من المدخول فتخصيص العام بالمتصل لا يستلزم مجازا ، لان اكرم كل عالم الا الفاسق قد استعملت فيما وضعت له وهو جميع افراد ما اريد من مدخولها ولم يرد من العام ـ اولا ـ جميع افراد العالم ثم خصص باخراج الفاسق ، بل المراد من اول الامر هو العالم غير الفاسق ، وقد عرفت ان تسميته تخصيصا هو من باب ضيق فم الركيّة ، فلا تخصيص في قولنا : اكرم كل عالم الا الفاسق حتى يلزم استعمال الفاظ العموم في غير ما وضعت له ، والى هذا اشار بقوله : «اما في التخصيص بالمتصل فلما عرفت من انه لا تخصيص اصلا» لانه قد استعملت فيما وضعت له وهو استيعاب جميع افراد ما اريد من مدخولها ، وقد اريد من مدخولها خصوص