هذا بعض الكلام في القطع مما يناسب المقام ، ويأتي بعضه الآخر في مبحث البراءة والاشتغال ، فيقع المقام فيما هو المهم من عقد هذا المقصد ، وهو بيان ما قيل باعتباره من الامارات ، أو صح أن يقال.
وقبل الخوض في ذلك ينبغي تقديم أمور :
أحدها : إنه لا ريب في أن الامارة غير العلمية ، ليست كالقطع في كون الحجية من لوازمها ومقتضياتها بنحو العلية ، بل مطلقا (١) ، وأن
______________________________________________________
وثالثا : ان احتمال لزوم الامر الانبعاث عن الامر التفصيلي ، اما لاحتمال دخالته في الغرض كقصد القربة وقصد الوجه أولا ، فان كان لاحتمال دخالته في الغرض فهو وان كان مما لا يمكن اخذه في نفس الامر الواحد ، إلّا انه يمكن بيان دخالته بامرين ، وهو ايضا مما تغفل عنه العامة كقصد الوجه ، فعلى الشارع بيانه لو كان مما له دخل في ترتب الغرض.
وان كان احتمال دخالته لا لدخوله في ترتب الغرض ، فبعد الاتيان بالمحتملين يحصل الغرض فلا مناص من سقوط اعتباره ، هذا اولا.
وثانيا ان احتمال دخالته مع عدم دخوله في الغرض لا وجه له اصلا ، وليس للعقل الّا ان يلزم بما به يحصل الفراغ اليقيني.
(١) حاصل هذا الامر هو اثبات ان الظن ليس كالقطع في عليته للحجية على ثبوت ما قام عليه ، وذلك لكونه ليس هو انكشافا تاما لما تعلق به ، لان احد طرفيه احتمال العدم ، فلا يكون ما قام عليه الظن واصلا تام الوصول ، وحيث كان احد طرفيه ارجح من الطرف الآخر كان مما يمكن ان يجعل طريقا ، بان يجعل له الحجية ويعتبره حجة منجزا لو اصاب وعذرا لو اخطأ ، فالظن من حيث ذاته ليس فيه ضرورة تقتضي الحجية ولا عدم الحجية ، فنسبة الحجية اليه نسبة الامكان الخاص وهو سلب الضرورة عن الطرفين.