ثالثها : تفويت المصلحة أو الالقاء في المفسدة فيما أدى إلى عدم وجوب ما هو واجب ، أو عدم حرمة ما هو حرام ، وكونه محكوما بسائر الاحكام (١).
______________________________________________________
(١) هذا هو المحذور الثالث ، وحاصله : انه يلزم من التعبد بغير العلم تفويت المصلحة الملزمة فيما اذا كان الحكم الواقعي هو الوجوب ومؤدى الامارة عدم الوجوب الجامع بين الاحكام الباقية سواء أدت الامارة الى الحرمة أو الكراهة او الندب او الاباحة ، فان لازم الجميع عدم الوجوب وان اختلفت في الالزام بالترك فيما اذا أدت الى الحرمة ، او ترجيح الترك في الكراهة او ترجيح الفعل في الندب او الاذن في الفعل والترك على الاباحة. ولما كان الحكم الواقعي هو الوجوب المنبعث عن مصلحة ملزمة ، فتأدية الامارة الى الالزام بالترك في الاول او الاذن في الترك اللازم من الثلاثة الأخر يستدعي تفويت المولى ـ بواسطة جعله للتعبد بغير العلم ـ للمصلحة الملزمة ، هذا اذا كان الحكم الواقعي هو الوجوب.
واما اذا كان الحكم الواقعي هو الحرمة فانه يلزم من التعبد بغير العلم ـ فيما اذا كان مؤدى الامارة عدم الحرمة الجامع بين الاحكام الباقية ما عدا الحرمة ـ الالقاء في المفسدة اللازم تركها سواء أدت الامارة الى الوجوب او احد الاحكام الثلاثة الأخر ، فانه فيما اذا أدت الى الوجوب يكون الزاما بالفعل المشتمل على المفسدة الملزمة ، وفي الثلاثة يكون إذنا منه في ارتكاب الفعل ذي المفسدة الملزمة.
ولا يخفى ان هذا المحذور الثالث ليس من المحالات الذاتية ، بل هو من الامور الباطلة التي يمتنع على الحكيم ارتكابها ، وقد اشار الى ما ذكرنا بقوله : «ثالثها تفويت المصلحة» أي انه يلزم من التعبد بغير العلم تفويت المصلحة «او الالقاء في المفسدة».
اما تفويت المصلحة الملزمة فهو «فيما» اذا «أدى» التعبد بغير العلم «الى عدم وجوب ما هو واجب» واقعا.