ومنها : آية السؤال عن أهل الذكر فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون. وتقريب الاستدلال بها ما في آية الكتمان (١).
______________________________________________________
فان كانت حرمة الكتمان في الآية هي من النحو الاول الذي يكون به الوصول كان مجال لان يقال : ان الغرض لهذه الحرمة هو وجوب القبول ، فيستلزم حجية الخبر كما مر بيانه.
واما اذا كانت حرمة الكتمان من النحو الثاني ، وان الكتمان انما حرم لكونه مانعا عن وصول الهدى الذي له شأنية الوصول فلا تكون هذه الحرمة مما تدل على وجوب القبول وتستلزمه ، وفي الآية دلالة على كونها من النحو الثاني ، لان ذيل الآية وهو قوله تعالى : (مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ) يدل على ان الهدى قد بينه الله للناس ، ولكن علماء اليهود كتموه ومنعوا عن وصوله وظهوره ، ولو لا كتمانهم لوصل ، لان الله قد بينه وأوضحه للناس.
هذا كله ، مضافا الى ان مورد الآية هو اصول الدين لان موردها هو كتمان علماء اهل الكتاب لعلامات النبوة المذكورة في التوراة ، ولا حجية لخبر الواحد في اصول الدين ، وكونها مخصصة بغير ذلك وان كان عمومها يشمل اصول الدين بعيدة جدا ، اذ ليس من المستحسن ان يخصص العموم باخراج مورده عنه.
(١) هذه الآية الرابعة التي استدل بها لحجية الخبر ، وقد وردت هذه الآية وهي قوله تعالى : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) في ضمن آيتين في سورتين في سورة النحل وهي قوله : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)(١) الى آخر الآية ، وفي سورة الانبياء وهي قوله تعالى : (وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ إِلَّا رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)(٢).
__________________
(١) النحل : الآية ٤٣.
(٢) الانبياء : الآية ٧.