ثم لا يذهب عليك : إنه ليس في المعصية الحقيقية إلا منشأ واحد لاستحقاق العقوبة ، وهو هتك واحد ، فلا وجه لاستحقاق عقابين متداخلين كما توهم ، مع ضرورة أن المعصية الواحدة لا توجب إلا عقوبة واحدة ، كما لا وجه لتداخلهما على تقدير استحقاقهما ، كما لا يخفى (١).
______________________________________________________
المذكورة لا تصلح دليلا لا مكان الخدشة فيها بوجود الفرق بين العاصي والمتجري ، ولكونها لا تصلح ايضا لاثبات العقاب لمطلق المتجري.
(١) لا يخفى ان صاحب الفصول التزم في المعصية الحقيقية بتداخل العقابين فيها ، والسبب في هذا الالتزام هو كون الموجب لاستحقاق العقاب عنده امرين : التجري ، والمخالفة العمدية ، وقد عرفت في اول هذه المسألة ان التجري ـ حقيقة ـ هو اظهار هتك المولى والطغيان عليه ، وهذا موجود في العاصي المصيب في قطعه وفي المخطئ في قطعه ، ولكن التعبير الاصطلاحي قد خصصه بخصوص المخطئ في قطعه ، فاذا كان التجري بما هو تجر حقيقة لا اصطلاحا موجبا لاستحقاق العقاب ، والمخالفة العمدية ايضا موجبا آخر لاستحقاق العقاب لانها فعل ما هو مبغوض المولى ، وان منطبق التجري هو الفعل المتجرى به دون العزم والارادة ، فلازم هذه الامور كون فعل العاصي منطبقا للعنوانين الذي كان كل واحد منهما موجبا لاستحقاق العقاب ، وحيث كان من المتسالم عليه ان العاصي له عقاب واحد فمن اللازم الالتزام بتداخل العقابين في العاصي المرتكب للمعصية الحقيقية لكون فعله منطبقا للتجري وللمخالفة العمدية ، فلذا التزم بتداخل العقابين في المعصية الحقيقية.
والمصنف حيث يرى ان المتجري والعاصي على حد سواء في استحقاق العقاب وليس له إلّا منشأ واحد وهو هتك حرمة المولى والطغيان عليه ...