ثم لا يخفى إن دليل الاستصحاب أيضا لا يفي بقيامه مقام القطع المأخوذ في الموضوع مطلقا ، وإن مثل (لا تنقض اليقين) لا بد من أن يكون مسوقا إما بلحاظ المتيقن ، أو بلحاظ نفس اليقين (١).
______________________________________________________
(١) لم يشر المصنف الى الوجه في كون لسان دليل الاستصحاب ليس كلسان ساير الاصول في كونها وظيفة للشاك ، فلذا لا تقوم مقام القطع الطريقي في الاحراز للواقع ليترتب عليها آثاره واحكامه كما عرفت مما مرّ.
وحاصل ما يمكن ان يكون وجها لكون الاستصحاب ليس كسائر الاصول هو ان الاستصحاب برزخ بين الامارات والاصول الأخر ، ولذا يكون حاكما عليها او واردا في مورد جريانه ، ولا مجال لجريانها معه ، كما لا مورد لجريانه في مورد قيام الامارة ، فان لسان الاستصحاب لسان ابقاء الواقع وعدم رفع اليد عنه بمجرد الشك ، وحيث كان لسانه ابقاء ما كان كان مجال لان يقال انه ليس هو مجرد كونه وظيفة في مقام الشك بل هو اقامة المشكوك المسبوق باليقين مقام المتيقّن ، فيكون نحو لسان الجعل فيه نحو لسان الجعل في الامارة ، وان الاخذ به للبناء على انه هو الواقع.
هذا ما يمكن ان يقال في وجه استثناء الاستصحاب عن لسان ساير الاصول التي كانت هي محض وظيفة مقررة في مقام فقد العلم والدليل.
ولكن بعد ما عرفت : من ان قيام شيء مقام القطع ليس مجرد كونه مرجعا بعده ، بل لا بد وان يكون بلسان انه هو الواقع ، ويتوقف هذا اللسان على كون المجعول له لسان الكشف عن الواقع ، فيكون الجعل والاعتبار متمما لذلك ، واما مع كون المفروض في الاستصحاب هو الشك الفعلي وان كان مسبوقا باليقين فليس للاستصحاب لسان الكشف حتى يكون الجعل متمما له ومصححا لقيامه مقامه ، وهو ايضا وظيفة من الوظائف المقررة للجاهل ، فان الاستصحاب حيث ان مورده مورد الشك وهو تساوي الطرفين ، فليس له لسان الكشف حتى يكون الجعل متمّما له ، فان كون الشك محرزا مع كونه فرض تساوي الطرفين فرض الخلف ، لعدم قابلية