وأما الظن بالحكم ، فهو وإن كان كالقطع في عدم جواز أخذه في موضوع نفس ذاك الحكم المظنون ، إلا أنه لما كان معه مرتبة الحكم الظاهري محفوظة ، كان جعل حكم آخر في مورده ـ مثل الحكم المظنون أو ضده ـ بمكان من الامكان (١).
______________________________________________________
كان طريقا اليه ، والقطع المتعلق به بهذه المرتبة يكون موضوعا وسببا لحكم آخر في المرتبة الفعلية.
لا يقال : القطع بالحكم بمرتبته الانشائية يوجب بلوغه لمرتبة الفعلية فيلزم من جعل الحكم الآخر في المرتبة الفعلية اجتماع المثلين فيما كان الحكم الثاني ـ مثلا ـ للحكم الانشائي ، والضدين فيما كان ضدا له لان الحكم الانشائي بتعلق القطع به يكون فعليا ، وقد فرضنا ان تعلق القطع به سبب لحكم آخر فيجتمع الحكمان في المرتبة الفعلية ، فان كانا مثلين كان من اجتماع المثلين ، وان كانا ضدين كان من اجتماع الضدين.
فانه يقال : ان هذا انما يلزم حيث يكون بلوغ الحكم الانشائي لمرتبة الفعلية قد تمت جميع شرائطه عدا تعلق القطع به ، اما اذا لم يستوف جميع الشرائط فان تعلق القطع به لا يبلغه للمرتبة الفعلية ويكون باقيا على انشائيته ، وحينئذ لا يلزم اجتماع المثلين أو الضدين ، لوضوح عدم المانع من اجتماع الحكمين المتماثلين او المتضادين في مرتبتين ، وانما المحال اجتماعهما في مرتبة واحدة ولذا قال (قدسسره) : «نعم يصح اخذ القطع بمرتبة من الحكم في مرتبة اخرى منه» أي من نفس ذلك الحكم بان يكون القطع بمرتبته الانشائية موجبا لترقيه وجعله فعليا ، ويصح ايضا اخذ الحكم بمرتبته الانشائية موضوعا لمثل ذلك الحكم او لضد ذلك الحكم في المرتبة الفعلية ، والى هذا اشار بقوله : «او مثله او ضده».
(١) حاصله : انه فرق بين القطع والظن ، فان الظن مثل القطع في عدم امكان اخذه موضوعا لنفس ذلك الحكم ، فلا يعقل ان يكون الظن بالوجوب الفعلي موضوعا