ضرورة أنه لو كان لاشتهر وبان ، ومن الواضح أنه يكشف عن رضا الشارع به في الشرعيات أيضا (١).
______________________________________________________
(١) هذا هو الوجه الثالث في تقرير الاجماع على حجية خبر الواحد ، وهو ما عرفت من دعوى بناء العقلاء وسيرتهم بما هم عقلاء على الاخذ بخبر الثقة ، وهي مستمرة من زمان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم واوصيائه عليهمالسلام بل من قبل زمانهم من أزمنة الاديان السابقة على الاسلام ، وهذه السيرة بمرأى منه صلىاللهعليهوآلهوسلم ومن اوصيائه عليهمالسلام ، ولم يردع عنها لا هو ولا أوصياؤه عليهم الصلاة والسلام جميعا ، وعدم ردعهم دليل على امضائهم لهذه السيرة العقلائية وإلّا لردعوا ، ولو ردعوا لاشتهر ردعهم لان متعلق الردع من اعظم موارد الابتلاء ، وكلما زاد الامر اهمية توفرت الدواعي لنقله ، ولم ينقل عنهم ـ صلوات الله عليهم ـ ردع عن هذه السيرة العقلائية ، فيكون من الواضح كشف عدم الردع من الشارع عن هذه السيرة عن رضاء الشارع بها في الشرعيات ، لان اخذ العقلاء لا يختلف حاله في امور معاشهم ومعادهم ، ومن الواضح ايضا انه لا يحتمل ان يكون عدم الردع من الشارع لمانع يمنع عن الردع.
فتلخص ان تقرير الاجماع على هذا الوجه يبتني على مقدمات ثلاث :
ـ بناء العقلاء على العمل بخبر الثقة مطلقا ، وهو محرز بالوجدان قطعا.
ـ وعدم الردع منهم عليهمالسلام وهو محرز ايضا وإلّا لنقل واشتهر مع وجود الداعي الى الردع لفرض ان عمل العقلاء مطلق حتى في امورهم الدينية ، فهم يعتبرون خبر الثقة منجزا لو اصاب ومعذرا لو خالف ، فهو عندهم طريق الى الاحكام الواقعية ، ولا شبهة ان تنجيز أحكام الشرع بهذا الطريق والتعذير عند المخالفة لها لو لم يكن ممضى عند الشارع لردع عنه بما هو مشرع لاحكام يريد امتثالها ولا يرضى بمخالفتها ، فانه من البديهي ان للشارع احكاما واقعية فعلية يريد امتثالها ولا يرضى بمخالفتها.