وأما المقدمة الخامسة : فلاستقلال العقل بها ، وأنه لا يجوز التنزل ـ بعد عدم التمكن من الاطاعة العلمية أو عدم وجوبها ـ إلا إلى الاطاعة الظنية دون الشكية أو الوهمية ، لبداهة مرجوحيتهما بالاضافة إليها ، وقبح ترجيح المرجوح على الراجح (١).
______________________________________________________
والمراد من الجاهل هو المخطئ للواقع ، وحيث كان الراجع انسداديا فهو يرى ان من لا يرى الانسداد قد أخطأ الواقع ، فهو جاهل بالواقع بحسب نظره ، فلا يجوز رجوعه اليه لانه من رجوع العالم الى الجاهل.
(١) توضيحه : انه بعد ان ثبت بحسب المقدمة الثالثة عدم جواز الاهمال ولزوم التعرض للامتثال ، وبحسب المقدمة الرابعة حرمة الامتثال بالاحتياط فيما يلزم منه الاختلال ، وعدم وجوب الامتثال بالاحتياط فيما يلزم منه العسر ، وعدم جواز الرجوع الى الاصول ـ فيدور الامر بعد لزوم التعرض للامتثال بين الامتثال بالاطاعة الظنية بالاخذ بالمظنونات ، وبين الامتثال بالاطاعة الشكية ، او الاطاعة الوهمية.
ولا اشكال بعد البلوغ الى هذا الحد من استقلال العقل بلزوم الاطاعة الظنية والاخذ بالظن لرجحانه عليهما ، فانه حيث يدور الامر بين الراجح والمرجوح فالعقل حاكم بقبح ترجيح المرجوح على الراجح ، ولا يمكن الجمع بين الامتثال بالاخذ بالظن وبالشك وبالوهم ، لان معناه الاحتياط التام المحرم او غير الواجب ، ولا اشكال في رجحان الظن على الشك والوهم ، فالعقل مستقل بلزوم الاخذ بخصوص الظن دون الشك والوهم ، للزوم ترجيح الراجح على المرجوح ، فان ترجيح المرجوح على الراجح قبيح ، ولذا قال (قدسسره) : «واما المقدمة الخامسة» التي كانت نتيجتها هو الاخذ بالظن لقبح ترجيح المرجوح على الراجح فلا اشكال فيها «لاستقلال العقل بها وانه لا يجوز التنزل» عند العقل «بعد عدم التمكن من الاطاعة العلمية» بالجمع بين جميع المحتملات لحرمته شرعا ، حيث يلزم منه الاختلال «او عدم وجوبها» أي الاطاعة العلمية لادلة العسر «الا الى الاطاعة