كما يدعيه القائل باصالة حجية الظن .. انتهى موضع الحاجة من كلامه زيد في علو مقامه (١).
______________________________________________________
(١) هذا هو الدليل الثاني الذي اختص به المحقق صاحب الهداية (١) في كون نتيجة الانسداد هي حجية الظن بالطريق دون الظن بالواقع ، وهو مركب من مقدمات ثلاث :
الاولى : ان لنا احكاما واقعية فعلية لا بد من فراغ ذمتنا عنها ، ولم يسقط بالانسداد لزوم فراغ ذمتنا عنها ، بل هي باقية على فعليتها.
والى هذه المقدمة اشار بقوله : «لا ريب في كوننا مكلفين بالاحكام الشرعية ولم يسقط عنا التكليف بالاحكام الشرعية».
الثانية : ان طريق فراغ الذمة امران : العلم بادائها ، وحكم المكلّف ـ أي الشارع ـ بتفريغ الذمة عن ادائها.
والمهمّ هو الثاني ، لان العلم بتفريغ الذمة بحيث لا يتطرقه احتمال عدم اداء الواقع ، بحيث لا نحتاج الى اصل أو قاعدة تقتضي فراغ الذمة كالتمسك بالظهور وامثالها نادر جدا ، فالمهمّ هو الثاني ، والثاني لازم جعل الطريق من الشارع ، فانه اذا جعل لنا طريقا الى الواقع فسلكناه فلا بد من فراغ ذمتنا بسلوكه عند الشارع ، والّا فلا فائدة من سلوكه ، فلازم جعل الطريق من الشارع المكلّف بالاحكام هو حكمه بفراغ ذمتنا اذا سلكنا الطريق الذي جعله ، سواء علمنا بان مؤدى هذا الطريق هو الحكم الواقعي ام لا ، فان الشارع الجاعل للاحكام الواقعية اذا جعل لنا طريقا اليها فلا بد من حكمه بفراغ ذمة من سلك ذلك الطريق ، لان لازم قوله هذا طريقي الى احراز احكامي هو حكمه بان من سلك طريقه فقد فرغت ذمته من تكاليفه الواقعية التي جعل لها طريقا منه ، وهذا واضح لا خفاء فيه ، فملازمة حكم المكلّف ـ أي
__________________
(١) هداية المسترشدين ، ص ٣٩١.