وفيه أولا : إن الحاكم على الاستقلال في باب تفريغ الذمة بالاطاعة والامتثال إنما هو العقل ، وليس للشارع في هذا الباب حكم مولوي يتبعه حكم العقل ، ولو حكم في هذا الباب كان بتبع حكمه إرشادا إليه ، وقد عرفت استقلاله بكون الواقع بما هو مفرغ ، وأن القطع به حقيقة أو تعبدا مؤمن جزما ، وأن المؤمن في حال الانسداد هو الظن بما كان القطع به مؤمنا حال الانفتاح ، فيكون الظن بالواقع أيضا مؤمنا حال الانسداد (١).
______________________________________________________
الظن» في الانسداد مطلقا سواء باتيان مؤدى الطريق المظنون او باتيان ما ظن انه هو الواقع.
(١) هذا هو الجواب الاول عن دعوى شيخ المحققين من اختصاص نتيجة الانسداد بحجية الظن بالطريق دون الاعم منه ومن الظن بالواقع ، وهو المناقشة في المقدمة الثانية ، وانه يجب علينا تحصيل الفراغ لذمتنا بحكم المكلّف أي الشارع.
وحاصله : انه ليس للشارع حكم بتفريغ الذمة ، وان الحاكم بتفريغ الذمة مطلقا هو العقل كما انه هو الحاكم بشغل الذمة ، ولا يعقل ان يكون للشارع حكم مولوي بما هو مولى وشارع في مقام براءة ذمة العبد باطاعته لما أمره به ونهاه عنه ، لما حقق في مقامه من ان حكم الشارع في باب الاطاعة والعصيان ارشادي لا مولوي ، ولو كانت اوامر الاطاعة مولوية لادّى ذلك الى التسلسل او الى الترجيح من دون مرجح ، لوضوح ان اوامر الاطاعة لو كانت مولوية لكانت بما هي صادرة من المولى تحتاج الى اطاعة أيضا وهلم جرا ... فيجيء التسلسل ، او نقول بان احدها بخصوصه مولوي والباقي ارشادي فيلزم الترجيح من دون مرجح.
فاتضح انه ليس للشارع بما هو شارع حكم ببراءة الذمة ، بل هو من احكام العقل المنتزعة باتيان ما امر المولى باتيانه ، والى هذا اشار بقوله : «وليس للشارع في هذا الباب» أي في باب تفريغ الذمة والحكم باتيان ما شغلت الذمة به «حكم مولوي» من الشارع بما هو مولى وشارع ومكلّف للعبد باحكامه بحيث يكون «يتبعه