وقد انقدح بذلك أنه لا وقع للجواب عن الاشكال : تارة بأن المنع عن القياس لاجل كونه غالب المخالفة ، وأخرى بأن العمل به يكون ذا مفسدة غالبة على مصلحة الواقع الثابتة عند الاصابة (١) ، وذلك لبداهة
______________________________________________________
(١) بعد فراغه عن جواب الاشكال ـ بما مر ـ حلا ونقضا تعرض لذكر اجوبة اربعة ذكروها عن الاشكال ، ولم يرتضها المصنف ، فاشار اليها والى المناقشة فيها ، وبقوله : «تارة ... واخرى» أشار الى جوابين منها اجاب بهما الشيخ في الرسائل.
وتوضيح الاول : ان الاشكال هو ان مقدمات الانسداد على الحكومة تستلزم قبح ترك الاطاعة الظنية من الآمر والمأمور ، وكما ان تركها من المأمور قبيح كذلك النهي عنها من الآمر قبيح ، فالنهي عن الظن القياسي من الآمر قبيح.
وحاصل الجواب عنه : ان ترك الاطاعة الظنية انما كان قبيحا لان الظن اقرب الى اصابة الواقع من الشك والوهم ، فاذا كان الشارع المطلع على الواقعيات قد علم ان الظن القياسي غالب المخالفة للواقع فلا يكون في النهي عنه قبح على الشارع ، لان مناط القبح هو كونه اقرب ، ولما كان كثير المخالفة للواقع لم يكن اقرب من الوهم ، بل هو اقرب منه في مورده ، والى هذا اشار بقوله : «تارة بان المنع عن القياس لاجل كونه غالب المخالفة» أي للواقع ومع كونه غالب المخالفة للواقع ، لا يكون النهي عنه من الشارع المطلع قبيحا.
الثاني : ما اشار اليه بقوله : «واخرى» وتوضيحه : انه قد عرفت ان السبب في حكم العقل بقبح ترك الاطاعة الظنية في حال الانسداد آمرا ومامورا انما هو لكون الظن اقرب من غيره لادراك مصلحة الواقع ، فالعمل بما يقتضيه الظن لا غاية فيه عند العقل الا الايصال لمصلحة الواقع ، فاذا كان في العمل بظن خاص حاصل من سبب خاص مفسدة غالبة على مصلحة الواقع فلا يقبح عند العقل ترك العمل بهذا الظن الخاص ، فلا يكون نهي الشارع عن الظن القياسي في حال الانسداد قبيحا اذا كان قد اطلع على ان في العمل على طبقه مفسدة غالبة على مصلحة الواقع.