نعم ، يجب تحصيل العلم في بعض الاعتقادات لو أمكن ، من باب وجوب المعرفة لنفسها ، كمعرفة الواجب تعالى وصفاته أداء لشكر بعض نعمائه (١) ،
______________________________________________________
واشار الى الفرق بين الفروع والاصول في ان المطلوب في الفروع هو العمل خارجا دون الاصول الاعتقادية فانه لا عمل خارجي مطلوب فيها ، فلذا كان مجال في حال الانسداد الى حكم العقل بلزوم اتباع الظن في الفروع دون الاصول بقوله : «وهذا بخلاف العمليات» التي هي مقام الفروع «فانه لا محيص عن العمل بالظن فيها مع» الانسداد وتمامية «مقدمات الانسداد فيها».
(١) الكلام في مقامات ثلاثة : وجوب معرفة الله عزوجل ، وصفاته تعالى شانه ، ووجوب معرفة انبيائه ورسله ، ووجوب معرفة الأئمة وهم الاوصياء للانبياء وخلفائهم في الامة على الانبياء وعليهم افضل الصلاة والسلام.
اما الكلام في المقام الاول : وهو وجوب معرفة ذاته وصفاته جل وعلا ، فقد استدل المصنف على وجوب ذلك عقلا بقاعدة وجوب اداء شكر المنعم عقلا ، والكلام في مرحلتين : مرحلة دلالة القاعدة على وجوب المعرفة ، والثانية كون المعرفة بنفسها شكرا للمنعم ، لا انها مقدمة لشكر المنعم.
اما دلالة القاعدة على وجوب المعرفة فلأجل قاعدة الحسن والقبح العقلية المقتضية لحسن العدل وقبح الظلم ، لانه من الواضح ان شكر المنعم من اظهر مصاديق العدل فيجب الشكر لانه عدل من العبد لمولاه ، وترك شكره من ظلم العبد لمولاه ، فشكر المنعم عليه لمن انعم عليه عدل منه اليه فيجب عقلا ، وترك شكره ظلم منه اليه فيحرم عقلا ، فاذا ثبت وجوب شكر المنعم عقلا نقول : انه من الجلي البديهي انه لا يتأتى شكر المنعم الا بمعرفته فتجب معرفته اداء لشكره.
واما المرحلة الثانية فهي ان معرفته ليست مقدمة لشكره حتى يكون وجوبها مقدميا ، بل المعرفة بنفسها هي المرتبة الاولى للشكر الواجب ، فهي واجب نفسي لما تقرر في محله من ان للشكر مراتب ثلاث : علم ، وحال ، وعمل ، والمعرفة للمنعم