عنه كان معذورا إن كان عن قصور لغفلة أو لغموضة المطلب مع قلة الاستعداد ، كما هو المشاهد في كثير من النساء بل الرجال (١) ، بخلاف
______________________________________________________
مجردا عن الظلمة ولا خالصا عن الجهل ولم يحضر عنده حضورا خالصا عن العدم ، فان معنى احتمال الخلاف هو احتمال العدم ، والعدم ظلمة وجهل ، والمعرفة هي الحضور النوري الذي لا جهل فيه ولا ظلمانية ، ولا يقال لمن ظن بشيء انه قد عرفه ، بل يقال لمن علم به قد عرفه ، فالظن ليس بمعرفة.
وحيث قد وجبت المعرفة فلا يجوز الاكتفاء بالظن لانه ليس بمعرفة ، ولذا قال (قدسسره) : «حيث انه» أي الظن «ليس بمعرفة قطعا فلا بد من تحصيل العلم» لانه هو حقيقة المعرفة.
(١) الكلام في مقامين : الاول : في كون الجاهل قاصرا او مقصرا ووجود كلا الفردين.
الثاني : في معذورية الجاهل القاصر عقلا ، وعدم معذورية المقصر عقلا.
اما المقام الاول : فلا شبهة في اختلاف الاستعدادات في طبائع البشر ، فان من المشاهد بالوجدان ان من الناس من لا استعداد له لإدراك أي معنى غامض ، ولا تنفع أي محاولة في ايصال ادراكه اليه ، وهو المستضعف المشار اليه في القرآن الكريم وفي الروايات عن آل البيت عليهمالسلام ، ومن الناس من يكون له استعداد ولكنه يكون غافلا بحيث لم يخطر بباله ولو بنحو الاحتمال ما يحتمل لزوم الفحص عنه واحتمال الضرر في تركه ، وهؤلاء هم الجاهل القاصر.
واما الجاهل المقصر فهو غيرهم ممن له استعداد لادراك الغامض من الامور ولا يكون غافلا ، بل يكون ملتفتا الى ما يلزمه بالفحص لاحتمال الضرر في تركه.
فاتضح مما ذكرنا الفرق بين الجاهل القاصر والمقصر ، وان الاول ما لا استعداد له أو ما كان غافلا اصلا ، والثاني ما له الاستعداد ولا يكون غافلا من رأس ، واتضح أيضا وجود كلا الفردين بشهادة الوجدان في عدم الاستعداد في كثير من الرجال والنساء.