ما إذا كان عن تقصير في الاجتهاد (١) ، ولو لاجل حبّ طريقة الآباء والاجداد واتباع سيرة السلف ، فإنه كالجبلّي للخلف ، وقلما عنه تخلّف (٢) والمراد من المجاهدة في قوله تعالى : (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا
______________________________________________________
واما المقام الثاني : فمعذورية القاصر عقلا ترجع الى التكليف بايجاد المعلول مع فرض عدم علته وهو محال بيّن ، واما رجوع تكليفه الى ذلك فلان من الواضح ان الاستعداد للادراك من اجزاء علة الادراك ، فتكليف من لا استعداد له لادراك المعرفة بالمعرفة مع فرض عدم استعداده لإدراكها من التكليف بايجاد المعلول مع فرض عدم علّته ، ولذا كان من المسلّمات معذورية القاصر عقلا.
وقد اشار الى معذورية القاصر بقوله : «ومع العجز عنه كان معذورا ان كان عن قصور» فانه مع فرض العجز عن الشيء لا يعقل التكليف بالشيء ، لرجوعه الى التكليف بالمعلول مع فرض عدم علته ، ثم اشار الى ان العجز عن قصور اما للغفلة او لعدم الاستعداد بقوله : «لغفلة او لغموضة المطلب مع قلة الاستعداد» ، ثم اشار الى وجود القاصر بقوله : «كما هو المشاهد في كثير من النساء بل الرجال».
(١) قد اتضح مما ذكرنا في معذورية القاصر عدم معذورية المقصّر لفرض تمامية العلة فيه فلا يكون من التكليف بالمعلول مع فرض عدم العلة ، لان الجاهل المقصّر هو من له الاستعداد لإدراك المطلب وان كان غامضا ولفرض عدم الغفلة ايضا ، فيرجع تركه للمعرفة الى تقصيره مع قدرته وعدم غفلته ، فلذا لم يكن معذورا لا عقلا ولا شرعا ، والى هذا اشار بقوله : «بخلاف ما اذا كان عن تقصير في الاجتهاد» لرجوع الترك منه الى عدم الفعل مع القدرة على الفعل.
(٢) لا يخفى ان الجاهل المقصّر قسمان : هو من لم يبحث ولم يجتهد فلم يصل ، ومن بحث واجتهد ولكنه لم يصل ايضا ، وربما اعتقد بحسب ما وصل اليه بخلاف الحق.