وأما الترجيح بالظن ، فهو فرع دليل على الترجيح به ، بعد سقوط الامارتين بالتعارض من البين ، وعدم حجية واحد منهما بخصوصه وعنوانه ، وإن بقي أحدهما بلا عنوان على حجيته ، ولم يقم دليل بالخصوص على الترجيح به.
وإن ادعى شيخنا العلامة ـ أعلى الله مقامه ـ استفادته من الاخبار الدالة على الترجيح بالمرجحات الخاصة ، على ما في تفصيله في التعادل والترجيح (١) ومقدمات الانسداد في الاحكام إنما توجب حجية الظن
______________________________________________________
(١) قد مرّ ان الكلام في هذا الظن غير المعتبر ، تارة من جهة الجبر به ، وثانية من ناحية الوهن ، وثالثة في خصوص الترجيح. ولما فرغ من الكلام عليه في الجهتين شرع في الجهة الثالثة وهي الترجيح به.
وتوضيحه في بيان امور : الاول : ان جعل الامارة تارة على مبنى الطريقية فيها وانها جعلت طريقا الى الواقع ، واخرى على الموضوعية وانها سبب لجعل الحكم على طبق ما قامت عليه.
الثاني : ان القاعدة الاوّليّة في الامارتين المتعارضتين ـ بناء على الطريقية ـ هو التساقط من ناحية الحجيّة الفعليّة وان احدهما بلا عنوان معين له هو الحجة ، اما تساقطهما فلانه لما كان الواقع الذي كانت الامارتان طريقا اليه واحدا والمفروض تنافيهما فيه ، فلا وجه للاخذ باحدهما من باب كونه طريقا اليه من دون الآخر ، لانه من الترجيح بلا مرجح ، واما كون احدهما بلا عنوان حجة فلأن احدهما هو الطريق ـ واقعا ـ الى الواقع ، وحيث لم يعلم به بخصوصه فيبقى العلم بان احدهما هو الحجة ، ولما يعلم عنوانه بخصوصه فيكون احدهما من دون عنوان هو الحجة.
واما بناء على الموضوعيّة فالقاعدة الاولية تقتضي التخيير لعدم امكان حجيتهما ، معا لاستلزام ذلك جعل حكمين متضادين بالفعل ، ولما كان كل واحد منهما مقتضيا لجعل الحكم الفعلي المشتمل على المصلحة فتركهما معا ترك المصلحة القطعيّة ، فلا بد