فإنهما بدونهما عقاب بلا بيان ومؤاخذة بلا برهان ، وهما قبيحان بشهادة الوجدان (١).
ولا يخفى أنه مع استقلاله بذلك ، لا احتمال لضرر العقوبة في مخالفته ، فلا يكون مجال هاهنا لقاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل ، كي
______________________________________________________
(١) توضيحه : ان العقل يحكم بان العقاب على مخالفة التكليف المجهول مع فرض عدم وصول الحجة عليه عقاب بلا بيان ومؤاخذة بلا برهان ، وهما قبيحان : أي ان العقاب بلا بيان والمؤاخذة بلا برهان قبيحان ، ومع حكم العقل بقبح المؤاخذة والعقاب على التكليف المجهول مع عدم وصوله أو عدم وصول الحجة عليه يأمن المكلف من العقوبة على مخالفته ، لوضوح انه مع حكم العقل بقبح العقاب عليه لا يعقل ان يعاقب المولى عبده على مخالفته ، لبداهة محالية ان يرتكب العادل ما هو قبيح ارتكابه ، ولعل السبب في حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان هو ان العقلاء قد تطابقت آراؤهم حفظا للنظام وابقاء للنوع على مدح العدل وقبح الظلم ، وانهم كما يحكمون بقبح مخالفة العبد لمولاه في التكليف الواصل الى العبد لانه من ظلم العبد مولاه ، لان خروجه عن زي الرقية ورسم العبودية وطغيانه على مولاه ظلم منه لمولاه ، فانهم يحكمون ايضا بان مخالفة العبد لتكليف مولاه غير الواصل اليه ليس من ظلم العبد لمولاه ، ومن الواضح انهم يحكمون ايضا ان العقاب من المولى لعبده حيث لا يكون العبد ظالما له يكون ظلما من المولى لعبده ، ومن البديهي ايضا قبح الظلم عند العقلاء ، فاتضح استقلال العقل بقبح العقوبة والمؤاخذة على التكليف المجهول حيث لم يصل بنفسه ولا بقيام حجة عليه وعبارة المتن واضحة ، ولعلّ مراده من شهادة الوجدان على ذلك هو شهادة الوجدان بحكم العقلاء على ان عقاب المولى على التكليف المجهول غير الواصل لا بنفسه ولا بالحجة عليه هو من مصاديق قاعدة القبح العقلي ، الذي بنى العقلاء على ذم فاعله كما بنوا على الحسن العقلي ومدح فاعله ، وعلى كل فقاعدة قبح العقاب بلا بيان من المسلمات عند العقلاء.