يتوهم أنها تكون بيانا (١) ، كما أنه مع احتماله لا حاجة إلى القاعدة ، بل في صورة المصادفة استحق العقوبة على المخالفة ولو قيل بعدم وجوب
______________________________________________________
(١) قد عرفت استقلال العقل بقبح العقاب بلا بيان ، ولا يرتفع القبح الّا بالبيان الواصل ... ولذلك فقد ادعي ان قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل تصلح لان تكون بيانا ، ومع صلاحيتها للبيان لا يكون مجال للتمسك بقاعدة قبح العقاب بلا بيان لارتفاع موضوعها ، لان موضوعها هو عدم البيان ، ومع فرض كون قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل بيانا لا يبقى وجه بصحة التمسك بها.
والحاصل : ان العقلاء كما بنوا على قاعدة قبح العقاب بلا بيان كذلك قد بنوا على قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل ، فالعقل كما يحكم بقبح العقاب بلا بيان يحكم ايضا بوجوب دفع الضرر المحتمل ، ومن الواضح ان العبد المحتمل للتكليف الالزامي المجهول يحتمل في ترك الاتيان به للضرر المترتب على تركه ، ومع احتماله للضرر في تركه يلزمه العقل بوجوب الاتيان به دفعا للضرر المحتمل ، ومع حكم العقل بوجوب اتيان التكليف المجهول المحتمل لا يصح التمسك لرفع استحقاق العقاب بقاعدة قبح العقاب بلا بيان ، لبداهة كون حكم العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل يصح ان يكون بيانا ، ومع صحة كونه بيانا يرتفع موضوع قاعدة قبح العقاب بلا بيان.
وحاصل الجواب عن هذه الدعوى : هو ان الضرر المحتمل اما ان يكون هو الضرر الاخروي وهو العقاب في الآخرة ، او يكون هو الضرر الدنيوي والابتلاء بالمفاسد الدنيوية المترتبة على ترك التكاليف الالزامية ، فان كان الاول وهو ان الضرر المحتمل احتمال العقاب في ترك الاتيان بالتكليف الالزامي المجهول.
فالجواب عنه : ان العقاب غير محتمل على التكليف المجهول ، فلا مورد لقاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل حتى تكون بيانا لقاعدة قبح العقاب ، لوضوح كون موضوع وجوب دفع الضرر المحتمل هو احتمال العقاب ، ومع استقلال العقل بقبح