ولا يصغى إلى ما قيل من أن إيجاب الاحتياط إن كان مقدمة للتحرز عن عقاب الواقع المجهول فهو قبيح ، وإن كان نفسيا فالعقاب على مخالفته لا على مخالفة الواقع (١) ، وذلك لما عرفت من أن إيجابه يكون طريقيا ،
______________________________________________________
المجهول ، واما بالنسبة الى الدليل النقلي على البراءة وعلى الاباحة في مورد التكليف المجهول فسيأتي انهما من المتعارضين ، واليه اشار بقوله : «وان كان واردا على حكم العقل» لان موضوعه اللابيان ، والاحتياط المنجز للواقع بيان له ، وليس الورود إلّا ارتفاع الموضوع حقيقة بواسطة الدليل الوارد ، وبهذا يفترق عن التخصيص ، فان عدم الموضوع وخروج الخارج حقيقة بذاته وبطبعه لا بواسطة الدليل كخروج الجاهل عن موضوع اكرم العالم ، فانه خارج بذاته لا بواسطة الدليل ، بخلاف ارتفاع اللابيان فانه وان كان ارتفاعا حقيقة لكنه بواسطة الدليل الذي هو البيان له ، ولذا قال (قدسسره) : «فانه كفى بيانا على العقوبة» أي ان دليل الاحتياط يكفي ان يكون بيانا يستحق المكلف العقاب بواسطته «على مخالفة التكليف المجهول» فيكون واردا عليه لارتفاع موضوعه بواسطته حقيقة.
(١) القائل هو الشيخ الانصاري (قدسسره) في رسائله ، وحاصل ما قال : ان دليل الاحتياط لا يعقل ان يدل على الوجوب ، وما لم يدل على الوجوب لا ينفع الخصم الاستدلال به ، والوجوب المستفاد منه اما ان يكون وجوبا مقدميا للتحرز عن عقاب التكليف المجهول وهو غير معقول ، لان فرض كونه تحرزا عن العقاب على التكليف المجهول لازمه فرض تحقق العقاب على التكليف المجهول من دون ملاحظة دليل الاحتياط ، وقد عرفت ان العقاب على التكليف المجهول قبيح مع فرض عدم ملاحظة دليل الاحتياط ، ولازم القبيح قبيح ، فكون وجوب الاحتياط وجوبا مقدمة للتحرز عن العقاب على التكليف المجهول قبيح ايضا ، واليه اشار بقوله : «من ان ايجاب الاحتياط كان مقدمة للتحرز عن عقاب الواقع المجهول فهو قبيح» لان العقاب على التكليف المجهول قبيح ، فكونه وجوبا للتحرز عما هو القبيح قبيح ايضا.