والجواب : إن العقل وإن استقل بذلك ، إلا أنه إذا لم ينحل العلم الاجمالي إلى علم تفصيلي وشك بدوي ، وقد انحل هاهنا ، فإنه كما علم بوجود تكاليف إجمالا ، كذلك علم إجمالا بثبوت طرق وأصول معتبرة مثبتة تكاليف بمقدار تلك التكاليف المعلومة أو أزيد ، وحينئذ لا علم بتكاليف أخر غير التكاليف الفعلية في الموارد المثبتة من الطرق والاصول العملية (١).
______________________________________________________
(١) هذا هو الجواب الاول ، وسيأتي منه جواب ثان حاصله : دعوى ان العلم الاجمالي مقيد من أصله بوجود الاحكام الواقعية في ضمن ما قامت عليه الطرق ، وفي غيرها من موارد الشبهة لا علم اجمالي لنا اصلا وانما هو احتمال محض.
وحاصل هذا الجواب الاول المبني على كون الشبهة من اطراف المعلوم بالاجمال ، والمتحصّل من مجموع كلامه في المقام هو : ان هذا العلم الاجمالي منحلّ لاحتمال انطباقه من الاول على الاحكام الثابتة بالامارات وبالاصول العملية المثبتة للتكاليف.
وتوضيح ذلك : ان انحلال العلم الاجمالي ، تارة يكون انحلالا تفصيلا حقيقة ، وذلك فيما اذا انحلّ الى علم تفصيلي وشك بدوي ، كما اذا علمنا اجمالا بوجود اناء نجس لزيد قطعا في ضمن اناءين او اكثر ، وكان الاناء الآخر محتمل النجاسة وذلك فيما اذا علمنا اجمالا بالنجس وكان اناء زيد هو المتيقن ، ثم علمنا تفصيلا باناء زيد النجس ، فان العلم الاجمالي ينحلّ الى علم تفصيلي وشك بدوي.
واخرى : يكون الانحلال تفصيليا ولكنه يكون حكما لا حقيقة ـ كما في المثال المذكور ـ الّا ان البيّنة تقوم على ان هذا الاناء المعيّن هو اناء زيد النجس ، فان العلم الاجمالي وان انحلّ تفصيلا الّا انه حكما لا حقيقة ، لبداهة عدم حصول العلم بالبينة ، ولكنه لما كانت حجيتها باعتبار ان ما تقوم عليه هو الواقع ، وكان قيامها بنحو ان يكون ذلك المعلوم بالاجمال الذي هو اناء زيد هو هذا الاناء الخاص ، كان العلم