وفيه أولا : إنه لا وجه للاستدلال بما هو محل الخلاف والاشكال ، وإلا لصح الاستدلال على البراءة بما قيل من كون تلك الافعال على الاباحة (١).
______________________________________________________
(١) توضيح هذا الايراد الاول : انه لا نسلّم كون الاصل عند العقل في هذه الافعال قبل ورود الحكم فيها من الشارع هو المنع والحظر وانه من الامور المسلّمة ، بل هو محل الخلاف والاشكال ، وهناك من يقول بان الاصل في هذه الافعال هو الاباحة عقلا دون المنع والحظر ، واذا كان الحكم العقلي في هذا الاصل هو من موارد الخلاف فلا يصح الاستدلال به ، لان الاستدلال على القائلين بالاباحة في المشتبه لا بد وان يكون بما هو المسلّم لا بما هو محل الخلاف ، ولو صحّ الاستدلال بما هو محل الخلاف لصحّ الاستدلال من القائلين بالاباحة في المشتبه بالاباحة عقلا في الافعال قبل ورود حكم الشرع فيها ، لوجود القائل بالاباحة فيه لو لم يكن القول به هو الاقوى كما سنشير اليه ، والى ما ذكرنا اشار بقوله : «وفيه اولا انه لا وجه للاستدلال بما هو محل الخلاف والاشكال» وانما يصح بما هو المسلّم «وإلّا» أي ولو صحّ الاستدلال بما هو محل الخلاف «لصحّ الاستدلال» من القائلين بالبراءة «على البراءة بما قيل من كون» حكم العقل «في تلك الافعال» غير الضرورية هو «على الاباحة» دون الحظر.
ومزيدا للتوضيح في هذه المسألة نقول : ان العقل مستقل بالاباحة دون المنع في الافعال قبل ورود الحكم من الشرع ، وما يقال من ان شأن العبد ان يكون صدوره ووروده منوطا بما يتلقاه من مولاه انما هو في الموالي والعبيد العاديين دون العبيد بالنسبة الى مولى الموالى ، لان المناط في الشأنية المدعاة لا وجه لها ، الا دعوى كون التصرّف من العبد بدون اذن مولاه خروجا منه عن زي الرقية ورسم العبوديّة ، وهذا انما يمكن ان يدعى فيما احتمل ان يكون في الفعل غرض للمولى ، فيكون التصرف فيما احتمل غرض للمولى فيه من دون حكمه فيه من احتمال التصرّف في غرضه