بل ربما يوجب حزازة ومنقصة في الفعل ، بحيث يذم عليه فاعله بلا ضرر عليه أصلا ، كما لا يخفى (١).
______________________________________________________
(١) قد مرّ دعوى ان الظن بالتكليف له ملازمان : الظن بالعقوبة والظن بالمفسدة من جهة تبعية الاحكام للمصالح والمفاسد ، وقد عرفت الحال في الملازم الاول.
واما الملازم الثاني وهو كون الظن بالتكليف يلازمه الظن بالوقوع في المفسدة في مخالفته ـ فشرع في الجواب عنه بقوله : «واما المفسدة».
ويتلخص ما في المتن في اجوبة ثلاثة عنه :
الاول : مبني على تسليم تبعية الاحكام للمصالح والمفاسد في المأمور به والمنهي عنه ، فلا محالة يستلزم الظن بالتكليف الظن في الوقوع في المفسدة عند المخالفة.
الا انا ننكر كون كل وقوع في المفسدة ضررا ، فالظن بالتكليف وان استلزم الظن بالوقوع في المفسدة إلّا انه لا يستلزم الظن بالضرر حتى تأتي الكبرى وهي لزوم دفع الضرر المظنون ، وانما لا يستلزم ذلك لان الاحكام وان كانت تابعة للمصالح والمفاسد في متعلقاتها إلّا ان المصالح والمفاسد فيها مصالح نوعية ومفاسد نوعية لا شخصية ، وقد عرفت ان الوجه في لزوم دفع الضرر المظنون هو كونه من الجبليات لكل ذي عقل وشعور ، وان كل ذي عقل وشعور يفرّ بجبلّته من الضرر المظنون ، ومن الواضح ان الفرار الذي يكون عن جبلّة هو الفرار عن الضرر الشخصي دون الضرر النوعي ، فالمرتكب للمفسدة القطعيّة النوعية لا يكون مرتكبا لما يفرّ العقلاء بجبلتهم عنه حتى يكون من صغريات لزوم دفع الضرر ، وانما يكون مرتكبا للقبيح.
وبعبارة اخرى : ان حسن الفعل وقبحه الذي يكون مناطا للاحكام مربوط بما فيه المصلحة النوعية والمفسدة النوعية ، فالمخالف للحكم الواقعي الواصل بالعلم ـ الذي هو عصيان قطعا ويستحق العقاب عليه جزما ـ قد ارتكب قبيحا ولكنه لم يرتكب ضررا ، ولا ملازمة بين ارتكاب القبيح وارتكاب المضرّ.