ثانيها : دعوى اتفاق العلماء عملا ـ بل كافة المسلمين ـ على العمل بخبر الواحد في أمورهم الشرعية ، كما يظهر من أخذ فتاوى المجتهدين من الناقلين لها (١).
وفيه : مضافا إلى ما عرفت مما يرد على الوجه الاول ، أنه لو سلم اتفاقهم على ذلك ، لم يحرز أنهم اتفقوا بما هم مسلمون ومتدينون بهذا
______________________________________________________
(١) الفرق بين هذه الدعوى للاجماع وبين الدعوى الاولى له هي ان الدعوى الاولى هي دعوى الاجماع القولي ، وهذه الدعوى الثانية هي دعوى الاجماع العملي.
والفرق بين دعوى الاجماع العملي ودعوى الاجماع بالنحو الثالث ـ وهو السيرة العقلائية وعمل العقلاء ـ ان الاجماع العملي هو عمل العلماء والمسلمين بما هم علماء وبما هم مسلمون ، فاذا تم فهو كاشف عن جعل الامام عليهالسلام واعتباره للخبر الواحد بما ان الامام إمام لعلماء الدين وهم المطلعون على رأيه وبما انه رئيس للمسلمين ، والمسلمون رعيته يتبعونه متابعة المرءوس للرئيس ، بخلاف عمل العقلاء بما هم عقلاء ، فانه انما يكشف عن امضاء الشارع لعملهم وإلّا لردعهم.
وعلى كل فحاصل هذه الدعوى هو الاجماع عملا من العلماء بما هم علماء ومن المسلمين بما هم مسلمون على الاخذ بخبر الواحد في امورهم الشرعية واحكامهم ، كما يظهر من تصريح المفتين في مستند فتواهم انهم انما افتوا لوجود خبر واحد دل على هذه الفتوى.
وقد اشار الى كونه من الاجماع العملي لا القولي بقوله : «دعوى اتفاق العلماء عملا» والى عمل المسلمين بما هم مسلمون بقوله : «بل كافة المسلمين» وان مورد اتفاقهم هو العمل منهم في امورهم الشرعية ليكون كاشفا عن جعل الشارع لحجية الخبر الواحد لهم في الاحكام الشرعية بقوله : «في امورهم الشرعية» والى ان سبب العلم بالاتفاق العملي للعلماء ـ بما هم علماء ـ هو فتاواهم المصرحين بان المستند فيها هي اخبار الآحاد بقوله : «كما يظهر ... الى آخر الجملة».