نعم ، لو كان معناه نفي الحكم الناشئ من قبله العسر كما قيل لكانت قاعدة نفيه محكمة على قاعدة الاحتياط ، لان العسر حينئذ يكون من قبل التكاليف المجهولة ، فتكون منفية بنفيه (١).
______________________________________________________
(١) لا يخفى ان المقدمة الرابعة هي عدم وجوب الاحتياط بل عدم جوازه في الجملة ، ومستند عدم الجواز هو لزوم الاختلال في النظام من الاحتياط ، فالعسر الموجب لاختلال النظام الذي يستلزمه الاحتياط في اطراف العلم الاجمالي بالتكاليف لا شك في حرمته ، واما العسر الذي يستلزمه الاحتياط في اطراف العلم غير الموجب لاختلال النظام ، فالمبنى في عدم وجوبه هو حكومة ادلة العسر والحرج على ادلة التكاليف الواقعية ، كقوله تعالى : (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)(١).
ولا يخفى ان حكومة دليل الحرج انما هو على ما فهمه الشيخ من دليل الحرج لا على ما استفاده المصنف منه ، فانه بناء على ما استفاده من دليل الحرج لا يكون حاكما في المقام على ادلة التكاليف الواقعية.
وتوضيح ذلك : ان الحرج المنفي في مثل قوله عزوجل : (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) هل المراد منه نفي الحكم الذي يكون سببا للحرج كالتكليف المعلوم بالاجمال الذي يستلزم امتثاله بالجمع بين اطرافه الوقوع في الحرج ، فان الحرج مسبب عن الحكم ، لان الحكم يقتضي الامتثال وامتثاله مستلزم للحرج ، فالحكم يكون موصوفا بالحرج بالواسطة ، فمدلول الآية بالمطابقة هو رفع الحرج الذي يستلزمه الحكم ، وحيث لا معنى لرفع الحرج بنفسه فلا بد وان يكون المراد منه نفي الحكم ، اما باطلاق الحرج عليه مجازا من باب اطلاق الصفة وارادة الموصوف ، واما ان يكون مبنيا على الحذف بان يكون المراد ما جعل عليكم في الدين من حكم يستلزم الحرج ، وهذا المعنى هو الذي استفاده الشيخ من دليل الحرج ، وعليه فتكون
__________________
(١) الحج : الآية ٧٨.