المنكرين لذلك ، أو بعض العدلية المكتفين بكون المصلحة في نفس الامر دون المأمور به (١).
______________________________________________________
(١) توضيحه : انه بعد ما عرفت من ان الانحلال المذكور للعلم الاجمالي بالحكم المردد بين الاقل والاكثر بما ذكروه من العلم التفصيلي بوجوب الاقل اما لنفسه او لغيره والشك البدوي في الزائد ـ بعد الغض عما يرد عليه من المحاذير المذكورة ـ لا يكون مقيدا لحكم العقل في مقام الاطاعة بلزوم تحصيل الغرض ، ولما كان مرددا بين الاقل والاكثر فلا بد من اتيان الاكثر بحكم العقل للزوم تحصيل الغرض عقلا.
وقد اجيب عن هذا بوجوه ثلاثة اشار اليها في الكتاب.
الاول ، وتوضيحه : ان الاشاعرة حيث قالوا بامكان الارادة الجزافية وانه لا داعي الى الغاية في تحقق الارادة ، وانكروا تبعية الاحكام للمصالح والمفاسد في المأمور به والمنهي عنه. ومن الواضح ان الكلام في مسألة البراءة والاحتياط في المقام وفي غيره من المقامات لا يبتني على مذهب مشهور العدلية ، بل الاشاعرة المنكرين للتبعية ، فانهم مع الانحلال يقولون بالبراءة ، ومع عدم الانحلال يقولون بالاحتياط .. فيظهر من هذا ان الكلام في الانحلال وعدمه انما هو الانحلال في مقام الامر لا في مقام الغرض ، وقد عرفت وجه الانحلال في مقام الامر بالعلم التفصيلي بوجوب الاقل والشك البدوي في الزائد عليه ، فلا وجه للاشكال بعدم الانحلال في ناحية الغرض بعد ان كان الكلام في المسألة هو الانحلال من ناحية الامر وعدمه.
والحاصل : ان الكلام بين العلماء في المقام انما هو في الانحلال في مقام الامر لا في الانحلال في مقام الغرض فانه ليس من محل الكلام في الاقل والاكثر الارتباطيين ، والى هذا اشار بقوله : ((تارة بعدم ابتناء مسألة البراءة والاحتياط على ما ذهب اليه مشهور العدلية)) من تبعية الاحكام للمصالح والمفاسد وانها هي الاغراض لها بل الكلام في مسألة البراءة والاحتياط لا يختص بمشهور العدلية ((و)) من الواضح ((جريانها)) أي جريان مسألة البراءة والاحتياط ((على ما ذهب اليه الاشاعرة