وحسن الاحتياط عقلا لا يكاد يجدي في رفع الاشكال ، ولو قيل بكونه موجبا لتعلق الامر به شرعا ، بداهة توقفه على ثبوته توقف العارض على معروضه ، فكيف يعقل أن يكون من مبادئ ثبوته (١)؟
______________________________________________________
وقد اشار الى ما ذكرنا بقوله : ((وربما يشكل)) الحكم بحسن الاحتياط في محتمل الوجوب مطلقا وان كان عباديا ، بانه لا وجه ((في جريان الاحتياط في العبادات عند دوران الامر)) في العبادة المحتملة ((بين الوجوب وغير الاستحباب)) وهي الصور الثلاث المتقدمة لاطّراد اشكال عدم تأتي قصد القربة فيها ، وان اختصّت الصورة الثانية باشكال آخر ، واما في مقام الدوران بين الوجوب والاستحباب فقد عرفت عدم الاشكال لتأتي قصد القربة قطعا ، وعلى كل فالاشكال فيما عدا هذه الصورة الاخيرة في جريان الاحتياط في العبادة هو ((من جهة ان العبادة لا بد فيها من نية القربة المتوقفة على العلم بامر الشارع تفصيلا)) كما لو علم بانه واجب او مستحب بعينه ((او اجمالا)) كما لو علم بانه اما واجب او مستحب ، وفيما لم يعلم بالامر لا تفصيلا ولا اجمالا فلا مجال لحسن الاحتياط لعدم امكانه في العبادات المحتملة كما عرفت.
(١) لا يخفى ان المصنف قد اشار الى وجوه اجيب بها عن هذا الاشكال لا يصح عنده الجواب بها : منها ما اشار اليه بقوله : ((وحسن الاحتياط عقلا لا يكاد يجدي)).
وتقريب هذا الجواب : انه لا اشكال في حسن الاحتياط عند العقل ، وكلما كان حسنا عند العقل كان حسنا عند الشارع ايضا ، للملازمة بين ما يراه العقل وما يراه الشرع ، اما لان الشارع رئيس العقلاء فمرجع ما يرونه الى ما يراه ، أو لان ما ادركه العقل من الحسن الشارع اولى بادراكه منه ، وعلى كل فما يراه العقل حسنا يراه الشارع حسنا ايضا ، وما كان عند الشارع حسنا لا بد من الامر به على طبق حسنه ، لان الحسن عند الشارع علة تامة لامره به ، فأمر المولى معلول للحسن.