فيه : مضافا إلى عدم مساعدة دليل حينئذ على حسنه بهذا المعنى فيها ، بداهة أنه ليس باحتياط حقيقة ، بل هو أمر لو دل عليه دليل كان مطلوبا مولويا نفسيا عباديا ، والعقل لا يستقل إلا بحسن الاحتياط ، والنقل لا يكاد يرشد إلا إليه (١).
______________________________________________________
(١) اورد عليه المصنف ايرادين ايضا ، الاول : ان الكلام في عنوان هذه المسألة هو حكم العقل بحسن الاحتياط مطلقا ، واشكل المستشكل فيه بعدم امكانه في خصوص العبادات ، فالكلام دعوى واشكالا انما هو في الاحتياط الذي يحكم العقل بحسنه ، ومن الواضح ان الاحتياط الذي يحكم العقل بحسنه هو الاتيان بالفعل بما هو محتمل الوجوب ، لان معنى الاحتياط في الشيء هو الاتيان به للتحفظ على الواقع ، ولاحراز الاتيان بالواقع بما هو واقع لو كان ، فلا مناص من كون الاحتياط في المقام الذي يحكم العقل بحسنه هو الاتيان بالفعل بما هو محتمل الوجوب ، واما الاتيان بالفعل لتعلق الامر به بذات الفعل فليس هو من الاحتياط اصلا ولا حكم للعقل بحسنه ، لوضوح انه لو دل دليل على تعلق الامر بذات الفعل كان ذات الفعل بما هو ذات الفعل لا بما هو محتمل الوجوب مطلوبا ، ولازم طلبه كذلك كونه مطلوبا نفسيا ، فان كان الامر فيه قريبا كان عباديا ايضا ، وإلّا كان مطلوبا نفسيا فقط ، ولما كان المفروض كونه عبادة فيكون مطلوبا نفسيا عباديا ، والامر بالاحتياط ـ بما هو احتياط ـ لا محالة يكون الامر فيه طريقيا لا نفسيا ، لانه بداعي التوصل به الى الواقع لا بداعي نفس الفعل بذاته.
فاتضح مما ذكرنا : ان متعلق الحسن العقلي هو الاحتياط بما هو احتياط ، وهو اتيان الفعل بما هو محتمل الوجوب لا بما هو واجب نفسي ، وكذلك المستفاد من الادلة النقلية التي كان الامر فيها متعلقا بمادة الاحتياط ، كقوله عليهالسلام : (فاحتط لدينك) (١)
__________________
(١) وسائل الشيعة ج ١٨ ، ص ١٢٣ باب من أبواب صفات القاضي ح ٤١.