ولا يخفى أن أصالة البراءة عقلا ونقلا في الشبهة البدوية بعد الفحص لا محالة تكون جارية ، وعدم استحقاق العقوبة الثابت بالبراءة العقلية والاباحة أو رفع التكليف الثابت بالبراءة النقلية ، لو كان موضوعا لحكم شرعي أو ملازما له فلا محيص عن ترتبه عليه بعد إحرازه (١) ، فإن لم
______________________________________________________
(١) الذي ذكر هذين الشرطين هو الفاضل التوني ، ومن الواضح انهما غير شرط الفحص الذي تقدم الكلام فيه ، وقد عرفت انه شرط للبراءة ، اما لجريانها كما في البراءة العقلية لان اللابيان الذي هو موضوعها يراد به عدم البيان فيما كان المعتاد وجود البيان فيه ، وهو ككتب الحديث وموارد الاجماعات المستفادة من فتاوى الفقهاء في كتبهم والكتاب الكريم وما ورد من الاحاديث المعتبرة في تفسيره ، ولا يكاد يحصل عدم البيان الماخوذ موضوعا في البراءة العقلية الا بعد الفحص في تلك الموارد واليأس عن الدليل فيها .. او لكون الفحص شرطا للعمل بها وان لم يؤخذ عدم البيان في موضوعها كالبراءة النقلية ، لان الموضوع فيها هو الشك في الحكم وعدم العلم به ، ولكنه دل الدليل على عدم جواز العمل بها الا بعد الفحص كما تقدم بيانه. والحاصل : ان هذين الشرطين غير شرط الفحص.
ثم لا يخفى ان الشرط الأول المذكور وهو ان لا يكون موجبا لثبوت حكم شرعي من جهة اخرى غير صحيح على كل حال ، لان المراد منه ان كان عدم جريان البراءة في نفي الحكم الثابت في موردها من جهة اخرى كوجوب الاحتياط في الفروج أو الدماء الثابت في مورد البراءة فهو واضح البطلان ، لان عدم جريانها فيه انما هو لثبوت الحكم الشرعي ، والمفروض ان موضوعها هو الشك في الحكم الشرعي فلا تجري البراءة العقلية لوجود البيان للحكم ، ولا تجري البراءة النقلية للعلم بالحكم ، ولا يصح عد هذا من شرائط البراءة بل مرجعه الى عدم الموضوع للبراءة.
وان كان المراد منه عدم جريانها في الحكم المشكوك غير هذا الحكم الثابت من جهة اخرى بكلا قسميه الآتيين ، والاول ما كان الموضوع فيه هو عدم الحكم في مرتبة