كما أن الظاهر أن يكون (لا) لنفي الحقيقة ، كما هو الاصل في هذا التركيب حقيقة أو ادّعاءً ، كناية عن نفي الآثار ، كما هو الظاهر من مثل : لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد ويا أشباه الرجال ولا رجال فإن قضية البلاغة في الكلام هي إرادة نفي الحقيقة ادّعاءً (١) ،
______________________________________________________
المبدأ والتصدي للايصال هو فعل الفاعل ، فان كان المجرد لازما فهو يدل على محض وجود المبدأ ، فان جلس تدل على ايجاد الجلوس ، وجالس تدل على فعل الفاعل له مع الغير والتصدي لايصاله له ، فان جالس تدل على ان الفاعل فعل الجلوس مع الغير. وان كان المجرد متعديا فهو يدل على وصول الفعل من الفاعل الى الغير ، فضرب زيد عمرا تدل على وصول ضرب زيد عمرا ، بخلاف ضاربه فانها تدل على التصدّي لايصال زيد الضرب الى عمرو ، ولذلك يصدق ضرب زيد عمرا وان كان الذي رفع يد زيد مثلا وضرب بها عمرا كان غير زيد. ولا يصح ذلك في ضارب زيد عمرا ، لدلالتها على ان الفاعل هو المتصدي لايصال الضرب لعمرو.
واذا كان هذا هو الفرق بين باب المفاعلة والمجرد ، فالفرق بين الضرر والضرار ان الضرر هو النقص الصادر من الفاعل سواء كان راجعا الى نفسه او الى غيره ، والضرار هو التصدّي لايصال الضرر الى الغير ، ولذلك كان سمرة مضارا لانه كان متصدّيا لايصال الضرر الى الانصاري وهو استعمال حقيقي لا مجاز فيه ، فالمنفي بقاعدة الضرر والضرار هو النقص من دون التصدّي فيه للايصال ، والنقص مع التصدّي فيه للايصال. والله العالم.
(١) لا يخفى ان المشار اليه في عبارة المتن احتمالات اربعة للفظة (لا) : الأول : كون (لا) لنفي حقيقة مدخولها ـ وهو الضرر ـ ادّعاءً. الثاني : كون المنفي بها الحكم الضرري. الثالث : كون المنفي هو نوع خاص من الضرر وهو الضرر غير المتدارك. الرابع : كون (لا) ليست بنافية ، بل هي ناهية عن فعل الضرر.
ومختار المصنف هو الأول ، وتوضيحه يحتاج الى بيان امور :