باب تزاحم المقتضيين ، وإلا فيقدم ما كان مقتضيه أقوى وإن كان دليل الآخر أرجح وأولى ، ولا يبعد أن الغالب في توارد العارضين أن يكون من ذاك الباب ، بثبوت المقتضي فيهما مع تواردهما ، لا من باب التعارض ، لعدم ثبوته إلا في أحدهما ، كما لا يخفى ، هذا حال تعارض الضرر مع عنوان أولي أو ثانوي آخر (١).
______________________________________________________
(١) هذه هي الجهة الرابعة التي اشار اليها في صدر المسألة وهي الكلام في قاعدة الضرر بالنسبة الى الدليل الثانوي. ثم لا يخفى ان الضرر كما يعرض للعنوان الاولي كالوضوء والبيع ، كذلك يعرض للعنوان الثانوي كمثل النذر المتعلق بالراجح اولا ، ثم بعد تعلقه به عرضه الضرر ، فان دليل الضرر يتقدم عليه لعين ما مرّ في تقدمه على العنوان الاولي ، لانه رافع للحكم الذي عرض الضرر على موضوعه. هذا حال دليل الضرر بالنسبة الى العنوان الثانوي الذي لم يكن لسانه كلسان دليل الضرر ، كدليل الحرج ونفي العسر فان لسانه كلسان دليل الضرر من المانعية وأنّ وروده في مقام الامتنان على الامة ، ولا يجري فيه ما مرّ من التوفيق العرفي بين دليل الضرر ودليل العنوان الاولي او العنوان الثانوي الذي لم يكن لسانه كلسان دليل الضرر.
ومما ذكرنا يظهر وجه الانقداح في قوله : ((ثم انقدح بذلك)) فان المراد منه انه بعد ان عرفت ان تقديم دليل الضرر على العنوان الاولي او الثانوي لانه يدل على المانعية ـ تعرف انه لا يتأتى هذا في دليل الضرر بالنسبة الى دليل الحرج ونفي العسر ، لانه مثله لسانا وموردا.
اذا عرفت هذا ... فنقول : اذا توارد دليل الضرر ودليل نفي الحرج على مورد كما اذا علمنا لزوم ارتكاب احد الامرين وكان احدهما ضرريا والآخر حرجيا ، كما لو توقف انقاذ غريق ـ مثلا ـ اما على السباحة ودخول الماء وكان مضرا ، او استجار من لا يضره الماء ولكن استيجاره كان حرجيا ، ففي مثل هذا يتعارض دليل نفي الضرر ودليل الحرج ، وحيث كان مما لا بد من ارتكاب احدهما ، فهل يتقدم دليل