فصل
في الاستصحاب : وفي حجيته إثباتا ونفيا أقوال للاصحاب (١).
ولا يخفى أن عباراتهم في تعريفه وإن كانت شتى ، إلا أنه تشير إلى مفهوم واحد ومعنى فارد (٢) ، وهو الحكم ببقاء حكم أو موضوع
______________________________________________________
(١) لا يخفى ان الاقوال في حجية الاستصحاب وعدمه اطلاقا وتقييدا انهاها الشيخ الاعظم أولا في رسائله الى احد عشر قولا : بالحجيّة مطلقا ، وقول بعدم الحجيّة مطلقا ، والتسعة الباقية في التفصيلات ، ثم ذكر في آخر كلامه ما حاصله : ان الاقوال اكثر من ذلك يعرفها من تتبعها في كلمات الاصحاب.
(٢) حاصله : ان للاستصحاب في كلمات القوم تعاريف متعددة ، فانه قد عرّفه بعضهم بانه إبقاء ما كان ، وعرّفه بعضهم بانه اثبات الحكم في الزمان الثاني تعويلا على ثبوته في الزمان الأول ، وعرّفه بعضهم بأنه كون حكم او وصف يقيني الحصول في الآن السابق مشكوك البقاء في الآن اللاحق ، الى غير ذلك من التعاريف الأخر له في كلماتهم .. وبعد اختلاف التعبيرات في كلامهم في مقام التعريف للاستصحاب فهل ان الاستصحاب معنى واحد عندهم اختلفوا في التعبير عنه ، او انه معان متعدّدة؟
ثم لا يخفى انه هناك امر آخر نبّه عليه المصنف في كلامه ، وهو ان مدرك الاستصحاب على ما سيأتي ثلاثة : بناء العقلاء ، والظن بالملازمة بين ثبوته سابقا وبقائه لاحقا او بالملازمة بين ثبوته سابقا والظن ببقائه ، والنصّ والاجماع. ويظهر من بعضهم ان الاستصحاب هو نفس احد هذه الامور الثلاثة ، وهو خطأ لما سيأتي. وسيظهر ايضا ان للاستصحاب معنى واحدا وليس له معان متعدّدة ، فاختلاف التعبيرات ليس لانه عندهم ذو معان متعدّدة ، بل هو عندهم بمعنى واحد. وسيظهر ايضا ان هذه الامور الثلاثة هي مدرك حجية الاستصحاب لا انها نفس الاستصحاب ، لوضوح كون مدرك حجية شيء غير نفس ذلك الشيء ... وعلى كل